للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}؛ أي: فَبَيَّنّا لَهُمْ سَبِيلَ الهدي، و {ثَمُودُ} رفعٌ بالابتداء، ولَمْ ينصرف لأنه معرفةٌ، اسم للقبيلة، وقد قرأه الأعمش ويحيى ابن وَثّابٍ بالصرف، وجَعَلاهُ اسمًا للحَيِّ، ورُوِيَ أيضًا عن الأعمش وعاصمٍ وابن أبِي إسحاق أنهم قَرَؤوهُ بالنصب وتَرْكِ الصَّرْفِ، ونَصَبُوهُ على تقدير: فهدينا ثَمُودَ هَدَيْناهُمْ (١)، وقرأه الباقون مرفوعًا غير منوَّنٍ (٢)، جعلوه اسمًا للقبيلة، ورفعوه على الابتداء.

وقوله: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} يعني: فاختاروا الكفر على الإيمان، {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ}؛ أي: ذِي الهُونِ {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧)}.

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: من مشركي قريشٍ {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}؛ أي: الْغَطُوا فيه، وارفعوا أصواتكم بالأشعارِ والكلامِ فِي وجوههم، حتى يلتبس عليهم قَوْلُهُمْ فَيَسْكُتُوا، قرأ عيسى بن عمر: "والْغُوا فِيهِ" بضم الغين (٣)، وقرأه العامة بالفتح، قال الأخفش (٤): مَنْ فَتَحَ الغينَ كان


(١) ذكر سيبويه الرفع والنصب في "ثمود"، ثُمَّ قال: "وقد قرأ بعضهم: "وَأمّا ثَمُودَ فَهَدَيْناهُمْ". . . فالنصبُ عربِيٌّ كثير، والرفع أجود". الكتاب ١/ ٨١ - ٨٢، وقال مثله في الكتاب ١/ ١٤٨، وينظر: ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ص ٧٩.
(٢) قرأ بالرفع والتنوين أيضًا: الحَسَنُ والشَّنَبُوذِيُّ وبكرٌ السهميُّ، وقرأ بالنصب وتَرْكِ التنوين أيضًا: الحَسَنُ والمفضلُ والمُطَّوَّعِيُّ وعيسى بنُ عمر، وقرأ الحسنُ وابنُ أبِي إسحاق والأعمشُ بالنصب والتنوين، وقرأ الباقون بالرفع وتركِ التنوين، ينظر: جامع البيان ٢٤/ ١٣١، مختصر ابن خالويه ص ١٣٤، البحر المحيط ٧/ ٤٧٠، الإتحاف ٢/ ٤٤٢ - ٤٤٣.
(٣) وبها قرأ أيضًا عبد اللَّه بنُ بَكِيرٍ السُّلَمِيُّ وابنُ أبِي إسحاقَ وبكرٌ السَّهْمِيُّ وقتادةُ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ وأبو حَيْوةَ والزعفرانِيُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٤، المحتسب ٢/ ٢٤٧ - ٢٤٦، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٥٦، البحر المحيط ٧/ ٤٧٣.
(٤) قال الأخفش: "وقال: "والْغَوْا فِيهِ"؛ لأنها من: لَغَوْتُ يَلْغَى، مثل: مَحَوْتُ يَمْحَى، وقال بعضهم: "والْغُوا فِيهِ"، وقال: لًغَوْتَ تَلْغُو، مثل مَحَوْتَ تَمْحُو". معانِي القرآن ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>