للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} يعني القيامة، لا يعلمها غير اللَّه سبحانه {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ} {مِنْ} هاهنا صلةٌ زائدةٌ {مِنْ أَكْمَامِهَا} يعني: من أوْعِيَتِها وُغُلُفِها، واحِدُها كُمٌّ وَكُمّةٌ، وهي ما كانت فيه الثَّمَرةُ (١)، قرأ أهل المدينة والشام وحفصٌ: "ثَمَراتٍ" بالجمع، وقرأ غيرهم: "ثَمَرةٍ" (٢) على الإفراد، وهو يدل على الكئرة فَيُسْتَغْنَى به عن الجمع (٣).

قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}. . الآية؛ أي: سَنُرِي كُفّارَ مكة ما أخْبَرَهُمْ به النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سيكون مِنْ فِتَنٍ وَفَسادٍ وَغَلَبةِ الرُّومِ فارِسَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أخْبارِهِ، حتى يتبين لهم أن كل ما أخبرهم به هو


= {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} [الفتح: ٢٥] رفعهم بـ "لولا"، ثم قال: "أنْ تَطَؤُوهُمْ"، فـ "أنْ" في موضع رفع بـ "لولا". معانِي القرآن ١/ ٤٠٤، وقال مثله في المعانِي ٢/ ٨٥.
وأما البصريون فإنهم ذهبوا إلى أن الاسم الواقع بعد "لولا" مرفوع بالابتداء، قال سيبويه: "ولولا تُبْتَدَأُ بعدها الأسماءُ"، الكتاب ٣/ ١٣٩، ١٤٠، وقال المبرد: "اعْلَمْ أن الاسم الذي بعد "لولا" يرتفع بالابتداء، وخبره محذوف، والتقدير: لولا عبدُ اللَّه بالحضرة". المقتضب ٣/ ٧٦، وينظر في هذه المسألة أيضًا: الإنصاف ص ٧٠: ٧٨، شرح الكافية للرضي ١/ ٢٤٣، ارتشاف الضرب ص ١٧٥٦.
(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٩٨، وينظر: الصحاح ٥/ ٢٠٢٤، الوسيط ٤/ ٣٩.
(٢) قرأ بالإفراد: ابنُ كثير وأبو عمرو وحمزةُ والكسائيُّ، وأبو بكر عن عاصمٍ، والحسنُ وخَلَفٌ والأعمشُ ويعقوبُ وابنُ محيصن، ينظر: السبعة ص ٥٧٧، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٧١، البحر المحيط ٧/ ٤٨١، الإتحاف ٢/ ٤٤٤.
(٣) قال النحاس: "وقراءة أهل الكوفة: "مِنْ ثَمَرةٍ"، وهو اختيار أبِي عبيد؛ لأن ثَمَرةً تؤدي عن ثَمَراتٍ. هذا احتجاجه، فَحَمَلَ ذلك على المَجازِ، والحقيقة أولى وأمضى، فإنه في المصاحف بالتاء، فالقراءة بـ "ثَمَراتٌ" أوْلَى". إعراب القرآن ٤/ ٦٦، وينظر: الحجة للفارسي ٣/ ٣٥٥ - ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>