للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَمًى} يكون مصدرًا مثلهما، ورُوِيَ عن ابن عبّاسٍ ومعاويةَ وعمرِو بنِ العاصِ أنهم كانوا يَقْرَؤونَ هذا الحرف: "وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمٍ" بكسر الميم (١)، وقراءة العامة أجودُ، قال أبو عُبيدٍ (٢): فلو أنها كانت "هادٍ وَشافٍ" لكان الكسر في {عَمًى} أجودَ؛ ليكون نعتًا مثلهما.

ثم وصفهم، فقال: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤) أي: أنهم لا يسمعون، ولا يفهمون، كما أن مَنْ دُعِيَ من مكانٍ بعيدٍ لا يسمع ولا يفهم، قال الفراء (٣): تقول للرجل الذي لا يفهم كلامك: أنت تُنادَى من مكانٍ بعيدٍ.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ} يعني: فِي تأخير العذاب عَمَّنْ كَذَّبَ بالقرآن (٤)، يعني: يوم القيامة {مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بالعذاب الواقع بمَنْ كَذَّبَ {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} من صدقك يا محمد وكتابك {مُرِيبٍ (٤٥)} مُوقِعٌ لهم الرِّيبةَ، و {كَلِمَةٌ} رفعٌ بفعلٍ مضمرٍ تقديره: ولولا ثَبَتَتْ كَلِمةٌ سبقت من ربك (٥).


(١) وبها قرأ أيضًا عبدُ اللَّه بنُ عمرو وعبدُ اللَّه بنُ الزبير وابنُ هرمز وسليمانُ بن قَتّةَ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٤، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٦٩، مفاتيح الغيب ٢٧/ ١٣٤، البحر المحيط ٧/ ٤٨١.
(٢) ينظر اختيار أبِي عبيد وقوله في الكشف والبيان ٨/ ٢٩٩، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٦٩، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ١٥١.
(٣) معانِي القرآن ٣/ ٢٠.
(٤) بعد هذه الكلمة في الأصل: "إلَى أجَلٍ مُسَمًّى"، وهذا سهو من الناسخ فيما يبدو؛ لأن هذه الجملة ليست من هذه الآية.
(٥) هذا التأويل موافق لِمَذْهَبِ الكوفيين في أن الاسم الواقع بعد "لولا" مرفوع بها؛ لأنها نائبة عن فِعْلٍ لو ظَهَرَ لارتفعَ هذا الاسمُ به، قال الفراء: "فإذا رأيت بعدها اسمًا واحدًا مرفوعًا فهو بمعنى "لولا" التي جوابها اللام". معانِي القرآن ١/ ٣٣٤، وقال أيضًا: "وقوله: =

<<  <  ج: ص:  >  >>