للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الكافُ صِلةٌ مُؤَكِّدةٌ، المعنى: لَيْسَ مِثْلَهُ شَيءٌ؛ لأن مَنْ قال مثل هذا فقد أثبت المِثْلَ للَّهِ -عَزَّ وَجَل وَتَعالَى عن ذلك- (١)، وقال أحمد بن يحيى ثعلب (٢): المِثْلُ صِلةٌ، المعنى: لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ، فأدخل المِثْلَ توكيدًا للكلام، كقوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} (٣)، وفِي حرف ابن مسعود: {فَإِنْ آمَنُوا بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ} (٤).

والعرب تقيم المثل مُقامَ النفس، فتقول: مِثْلِي لا يُقالُ له هذا؛ أي: أنا لا يُقالُ لي هذا (٥)، قال أوس بن حَجَرٍ (٦):


(١) قال بزيادة الكاف أكثرُ العلماء، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٥، إعراب القرآن ٤/ ٧٤، وقال الفارسي: "وليس المثل هنا لَغْوًا، وإنما الكافُ المُلْغَى عندنا، ولا بُدَّ في التأويل من أن نحكم بزيادة الكاف، أو بزيادةِ ما دخلت عليه الكاف، فالحكم بزيادة الكاف أولى؛ لأنه حرف، والحرف يكون زيادةً كثيرًا، والأسماء ليست بمنزلتها، وقد وُجِدَتِ الكافُ زائدةً في غير هذا الموضع. . . فإذا كان كذلك كان الحكم بزيادة الكاف أولى، بل لا يجوز غيره، فيكون المعنى: ليس مِثْلَهُ شيءٌ". الإغفال ٢/ ٣٤٩ - ٣٥٠، وينظر أيضًا: كتاب الشعر ص ٢٥٨، المسائل المشكلة ص ٤٠٠، سر صناعة الإعراب ص ٢٩١ وما بعدها، كشف المشكلات للباقولي ٢/ ٢٩١، الفريد للهمداني ٤/ ٢٣٧، وقال المرادي: "لأن جَعْلَها [يعني الكاف] غَيْرَ زائدة يُفْضِي إلى المحال؛ إذْ يصير معنى الكلام: ليس مِثْلَ مِثْلِهِ شيءٌ، وذلك يستلزم إثباتَ المِثْلِ، تعالى اللَّه عن ذلك". الجنى الدانِي ص ٨٦، ٨٧، وينظر: الدر المصون ٦/ ٧٧.
(٢) قال ثعلب: " {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}؛ أي: ليس كَهُوَ". مجالس ثعلب ص ٢٣١.
(٣) البقرة ١٣٧.
(٤) هذه قراءة ابن مسعود وابن عباس وأنَسٍ وأبِي صالح، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٧، المحتسب ١/ ١١٣.
(٥) قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٣٩١، وينظر: تفسير غريب القرآن لأبي بكر السجستاني ص ١٣٨.
(٦) أوس بن حجر بن مالك التميمي، أبو شريح، شاعرُ تميمٍ فِي الجاهلية، كان كثيرَ الأسفارِ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>