للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "كالأعْلَامِ"، أي: كالجبال، جمع عَلَمٍ، وهو الجَبَل الطويل، وقيل: كالقصور، والأول هو المشهور، قال الخليل بن أحمد (١): كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم، قالت الخنساء ترثي أخاها صَخْرًا:

٢٢٠ - وَإنّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ... كَأنّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نارُ (٢)

قوله: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} الذي تجري به السفن {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} يعني: سَواكِنَ ثَوابِتَ وُقُوفًا على ظَهْرِ البَحْرِ، فلا تَجْرِي ولا تتَحَرَّكُ، وهو شرط وجزاء، قرأ العامة: {الرِّيحَ} على الواحد، وقرأ نافع: {الرِّياحَ} على الجمع (٣) {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي ذكر {لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أي: لكل مؤمن؛ لأن من صفة المؤمن الصَّبْرُ فِي الشدة والشُّكْرُ فِي الرخاء.

قوله: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا}؛ أي: يُغْرِقْهُنَّ، وَيُهْلِكْ أهْلَها بِما أشركوا واقترفوا من الذنوب {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤)} من الذنوب، فينجيهم عن. الغرق


(١) قال الخليل: "والعَلَمُ: الجبل الطّويل، والجميع: الأعلام، ومنه قوله تعالى: {فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}، شَبَّهَ السُّفُنَ البحرية بالجبال. والعَلَمُ: الرّاية، إليها مَجْمَعُ الجُنْدِ. والعَلَمُ: ما يُنْصَبُ فِي الطّريق ليكون علامةً يُهْتَدَى بها، شِبْهُ المَيْلِ والعَلامةِ، والعَلَم: ما جعلته عَلَمًا للشيء". العين ٢/ ١٥٢ - ١٥٣.
(٢) البيت من البسيط، ويُرْوَى: "أغَرُّ أبْلَجُ تَأْتَمُّ".
التخريج: ديوانها ص ٤٩، التعازي والمراثي للمبرد ص ٢٧، ١٠٠، جمهرة اللغة ص ٩٤٨، مقاييس اللغة ٤/ ١٠٩، الكشف والبيان ٨/ ٣٢١، المحرر الوجيز ٥/ ٣٨، الفريد ٤/ ٢٤٤، عين المعانِي ورقة ١١٨/ ب، تفسير القرطبي ١٦/ ٣٢، البحر المحيط ٧/ ٤٩٧، مغني اللبيب ص ٧٢٣، الدر المصون ٦/ ٨٢، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٢٠٢، التاج: صخر.
(٣) قرأ بالإفراد أيضًا: أبو جعفر المدني، ينظر: القرطبي ١٦/ ٣٢، البحر ٧/ ٤٩٧، الإتحاف ٢/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>