للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهَلَكةِ، وهو في موضع جزمٍ، عطف على جواب الشرط في قوله: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ}.

قوله: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}؛ أي: من فرار، وقيل: من مَلْجَأٍ، أي: يَحِيصُونَ إليه، يقال: فلان يَحِيصُ عن الحق، أي: يَمِيلُ عنه، وحاصَ البَعِيرُ حَيْصًا: إذا مالَ به.

قرأ أهل المدينة والشام: "وَيَعْلَمُ" (١) بالرفع على الاستئناف كقوله تعالى في سورة براءة: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} (٢)، وقرأه الآخرون نصبًا على الصرف، كقوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (٣) صُرِفَ من حال الجزم إلى النصب استخفافًا، وكراهيةً لتوالِي الجزم (٤)، كقول الشاعر:

٢٢١ - لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ... عارٌ عَلَيْكَ -إذا فَعَلْتَ- عَظِيمُ (٥)

وقرأ بعضهم: "ويَعْلَمْ" بالجزم، منسوق على "يُوبِقْهُنَّ".


(١) ينظر: السبعة ص ٥٨١، تفسير القرطبي ١٦/ ٣٤، البحر ٧/ ٤٩٨، الإتحاف ٢/ ٤٥٠.
(٢) التوبة ١٥.
(٣) آل عمران ١٤٢.
(٤) النصب على الصرف مصطلح كوفِيٌّ يُقْصَدُ به ما ذكره المؤلف من أن الفعل صُرِفَ من حال الجزم إلى حال النصب؛ لوقوعه بعد الواو، استخفافًا للنصب، والبصريون يقولون: إنه منصوب بـ "أنْ" مضمرةً بعد الواو، ورَدُّوا على الكوفيين بأنه لا بُدَّ من ناصب ينصب الفعلَ؛ لأن المعانِيَ لا تنصب الأفعالَ، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٩، إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٨١ - ٨٨٢، معانِي القراءات ٢/ ٣٥٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ٢٨٥، سر صناعة الإعراب ص ٣٧٥، ٢٧٦، أمالي ابن الشجري ١/ ٢٩، الإنصاف ص ٥٥٥ - ٥٥٩، أمالِيُّ ابن الحاجب ١/ ٤٥٢.
(٥) البيت من الكامل، لأبِى الأسود الدُّؤَلِيِّ، ونُسِبَ لغيره، فقد نُسِبَ لِحَسّانَ بنِ ثابتٍ، وللمتوكل الليثي، وللأخطل، وللمتوكل الكناني، وللطِّرِمّاحِ بن حكيم، ولسابق البربري. =

<<  <  ج: ص:  >  >>