للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، قال الزَّجّاجُ (١): أُمُّ الكتاب: أصل الكتاب، وأصل كل شيء: أُمُّهُ، والقرآن مُثْبَت عند اللَّهِ فِي اللوح المَحْفُوظِ، كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)} (٢)، وقرأ حمزة والكسائي: {فِي أمِّ الْكِتَابِ} بكسر الألف (٣).

وقوله: {لَدَيْنَا}؛ أي: عندنا {لَعَلِيٌّ}؛ أي: رفيع {حَكِيمٌ (٤) أي: مُحْكَمٌ من الباطل، ومُحْكَمٌ فِي نَظْمِهِ وتأليفه وصحة معانيه.

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا}؛ أي: نصرفه عنكم، وهذا استفهامٌ معناه الإنكارُ؛ أي: لا نفعل ذلك، يقال: ضَرَبْتُ عنه، وأضْرَبْتُ عنه: إذا تَرَكْتَهُ، وأمْسَكْتَ عنه (٤)، والصَّفْحُ: مصدر (٥)، ويجوز أن يكون "صَفْحًا" بمعنى صافِحِينَ، كما يقال: جاءَ زَيْدٌ مَشْيًا، ويجوز أن يكون بمعنى: ذَوِي صَفْحٍ، كما يقال: رَجُلٌ عَدْلٌ؛ أي: عادِلٌ، وكذا: رَجُلٌ رِضًا (٦)، وهو من فصيحات القرآن، والعرب تقول لِمَنْ أمْسَكَ عن الشيء: أعْرَضَ عنه


(١) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٠٥.
(٢) البروج ٢١ - ٢٢.
(٣) هذه قراءتهما في الوصل فقط، فإذا ابْتَدَآ ضَمّاها كالباقين، ينظر: الإتحاف ٢/ ٤٥٣.
(٤) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٢٨، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٩٨، ومعانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٣٥.
(٥) يعني أنه مفعول مطلق من معنى، "أفنَضْرِبُ"؛ لأنه بمعنى أفنَصْفَحُ، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ٩٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٨١، التبيان للعكبري ص ١١٣٧، البحر المحيط ٨/ ٨.
(٦) هذا الوجه والذي قبله قالهما النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٩٨، وعلى أنه بمعنى صافحين أو ذوي صفح يكون "صَفْحًا" حالًا، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٨١، التبيان للعكبري ص ١١٣٧، الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٥٢، البحر المحيط ٨/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>