للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعِزَّتي وعِلْمِي، وهذا إخبارٌ عن غايةِ جَهْلِهِمْ، إذْ أقَرُّوا بأن اللَّهَ خَلَقَ السماواتِ والأرضَ، ثم عَبَدُوا معه غَيْرَهُ، وأنْكَرُوا قُدْرَتَهُ على البعث، وقوله: {لَيَقُولَنَّ} فُتِحَت اللام الأولى على الجواب (١)، وضُمَّت اللامُ التي قبل النون لأن فيه ضميرًا يعود عليه (٢)، نظيره قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٣).

وما بعد هذا ظاهر إلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} يعني الأصناف كلها {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢)} في البَحْرِ والبَرِّ {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} يعني: على ظهور ما جعل لكم، ذَكَّرَ الكنايةَ؛ لأنه رَدَّ إلى لفظها (٤)، وقال الفراء (٥): أضاف الظهور إلى الواحد لأن ذلك الواحد في معنى الجمع، كالجُنْدِ والجَيْشِ والرَّهْطِ والخَيْلِ ونحوها من أسماء الجنس.

وقوله: {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ}؛ أي: على ظهورها {وَتَقُولُوا}؛ أي: ولكي تقولوا: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا}؛ أي: ذَلَّلَ لنا هذا المَرْكَبَ {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣)} يعني: مُطِيقِينَ، ومعنى المُقْرِنِ: المطيق، يقال: أقْرَنْتُ لِهَذا البَعِيرِ؛ أي: أطَقْتُهُ (٦) {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} لراجعون فِي المَعادِ.


(١) يعني جواب القسم.
(٢) يعني واو الجماعة التي حذفت لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد.
(٣) الزخرف ٨٧.
(٤) يعني: رد الضمير إلى لفظ {ما}، قال الأخفش: "وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ}، فتذكيره يجوز على {مَا تَرْكَبُونَ}، و {ما} هو مذكر، كما تقول: عندي من النساء ما يوافقك ويَسُرُّكَ". معانِي القرآن ص ٤٧٢، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ١٠١، الوسيط ٤/ ٦٥، البحر المحيط ٨/ ٩.
(٥) معانِي القرآن ٣/ ٢٨.
(٦) قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٨، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٩٥، وينظر: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٤١، تهذيب اللغة ٩/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>