للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ} ووعدناك فيهم من النصر {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) أي: قادرون عليهم، مَتَى شِئْنا عَذَّبْناهُمْ، ثم أُرِيَ ذلك يَوْمَ بَدْرٍ.

قوله تعالى: {وَاسْأَلِ} يا محمد {مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} الآية، اختلف العلماء في هؤلاء المسؤولين، فقال أكثر المفسرين (١): هم مؤمنو أهلِ الكتاب، قالوا: وفي قراءة عبد اللَّه وأُبَيٍّ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا} (٢)،


= على "إنِ" الشرطيةِ لَزِمَ أن تلحق نُونُ التوكيد فِعْلَ الشرط، وقد ذكر الزجاج ذلك، أيضًا، عند تناوله لقوله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} [البقرة: ٣٨] في معانِي القرآن وإعرابه ١/ ١١٧. وقد نَسَبَ الفارِسِيُّ للمُبَرِّدِ أنه يُوجِبُ تأكيدَ فِعْلِ الشرط بنون التوكيد مع "ما"، ذكر ذلك في المسائل المشكلة ص ٣١١، والإغفال ١/ ١٣١، ١٣٢.
ولكن مذهب سيبويه أن هذا التأكيد بالنون مع "ما" غير واجب، بل يجوز التوكيد بالنون ويجوز ترك التوكيد، قال سيبويه: "ومن مواضعها [يعني النون]: حروف الجزاء إذا وقعت بينها وبين الفعل "ما" للتوكيد، وذلك لأنهم شَبَّهُوا "ما" باللام في لَتَفْعَلَنَّ، لَمّا وقع التوكيد قبل الفعل ألْزَمُوا النونَ آخِرَهُ، كما ألْزَمُوا هذه اللامَ، وإن شئتَ لَمْ تُقْحِمِ النونَ، كما أنك إن شئت لَمْ تَجِئْ بها. . .، فمن ذلك قولك: إمّا تَأْتِيَنِّي آتِكَ، وأيُّهُمْ ما يَقُولَنَّ ذاك تَجْزِهِ، وتصديق ذلك قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا}. الكتاب ٣/ ٥١٤ - ٥١٥.
وهذا مذهب المبرد أيضًا، في المقتضب ٣/ ١٣ - ١٤، والكامل ١/ ٢٨٩ - ٢٩٥، على عكس ما نسبه إليه الفارسيُّ، وينظر رَدُّ الفارسي على الزجاج في الإغفال ١/ ١٢٦ - ١٤٤، المسائل المشكلة ص ٣١٠ - ٣١٢، وينظر في هذه المسالة أيضًا: شرح المفصل ٩/ ٤١، شرح الكافية للرضي ٤/ ٩٥، ارتشاف الضرب ص ٦٥٦، همع الهوامع ٢/ ٥١١ - ٥١٢.
(١) قاله ابن عباس وعطاء والحسن ومجاهد والسدي وقتادة والضحاك، ينظر: جامع البيان ٢٥/ ٩٩ - ٩٨، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٦٥ - ٣٦٧، إعراب القرآن ٤/ ١١٢، الكشف والبيان ٨/ ٣٣٧، الوسيط ٤/ ٧٥، المحرر الوجيز ٥/ ٥٧.
(٢) لَمْ أقف على أنها قراءة لأُبَيٍّ، ينظر: جامع البيان ٢٥/ ٩٩، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٦٦، ٣٦٧، شواذ القراءة ورقة ٢١٨، وذكر القرطبي أن قراءة ابن مسعود: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا}. تفسير القرطبي ١٦/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>