للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم، قال الأزهري (١): و"مِنْ" قد تكون للبدل كقوله: {لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ} يريد: بَدَلًا منكم، فَيَعْمُرُونَ الأرْضَ، فَيَعْبُدُونَنِي ويُطِيعُونَنِي.

ثم رجع إلى ذِكْرِ عيسى عليه السّلام، فقال: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} يعني: نزوله من أشْراطِ الساعة، يُعْلَمُ به قِيامُ الساعةِ، ويُسْتَدَلُّ به على ذهاب الدنيا وإقبال الآخرة، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ} بفتح العين واللام (٢)؛ أي: أمارةٌ وعَلَامةٌ على قيام الساعة.

والهاء راجعة إلى عيسى في قول أكثر المفسرين، وقال قوم (٣): الهاء في قوله: {وَإِنَّهُ} كناية عن القرآن، وإليه ذهب الحَسَنُ، ومعنى الآية: وإن القرآن لَعِلْمٌ لِلسّاعةِ، يُعْلِمُكُمْ قِيامَها، ويُخْبرُكُمْ بأحوالها وأهوالها {فَلَا تَمْتَرُنَّ} تَشُكُّنَّ وتَكَذِّبُوا "بِهَا"؛ أي: فيها {وَاتَّبِعُونِ} على التوحيد "هذَا"؛ أي: هذا الذي أنا عليه {صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} من دين إبراهيم عليه السّلام، قرأ أبو عمرو: {واتَّبِعُونِي} بياء في الوصل فقط، الباقون بغير ياء في الحالين (٤).


(١) قال الأزهري: "ويقال: هو من أبيه خَلَفٌ؛ أي: بَدَلٌ، والبدل من كل شيءٌ خَلَفٌ منه، وقال اللَّه تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}؛ أي: يكونون بَدَلَكُمْ في الأرض". تهذيب اللغة: خلف ٧/ ٤٠٠.
(٢) وهي أيضًا قراءة زيد بن عَلِيٍّ ومجاهد والأعمش والكلبي وعكرمة وأبِي نصر وأبِي مالك الغِفارِيِّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٦، تفسير القرطبي ١٦/ ١٠٥، البحر المحيط ٨/ ٢٦.
(٣) هذا قول الحسن وابن جبير وقتادة، ينظر: جامع البيان ٢٥/ ١١٧، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤١٧، إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١١٧، الكشاف ٣/ ٤٩٤، المحرر الوجيز ٥/ ٦١، زاد المسير ٧/ ٣٢٥، عين المعانِي ورقة ١٢٠/ أ، تفسير القرطبي ١٦/ ١٠٥.
(٤) قرأ أبو عمرو وابن كثير وأبو جعفر: {واتَّبِعُونِي} بإثبات الياء وصلًا فقط، ورواها إسماعيلُ ابن جعفرٍ وابنُ جَمّازٍ عن نافع، وقرأ يعَقوب بإثبات الياء وصلًا ووقفًا، وقرأ الباقون، =

<<  <  ج: ص:  >  >>