(٢) أنشد المبرد قول الشاعر: هَلْ أنْتَ باعِثُ دِينارٍ لِحاجَتِنا... أوْ عَبْدَ رَبٍّ أخا عَوْنِ بْنِ مِخْراقِ ثم قال: "أراد: باعِثٌ دِينارًا؛ لأنه إنما يستفهمه عما سيقع، ونصب الثانِي لأنه أعْمَلَ فيه الفعلَ، كأنه قال: أو باعِثٌ عَبْدَ رَبٍّ، ولو جَرَّهُ على ما قبله كان عربيًّا جيدًّا مثل النصب، وذلك لأن من شأنهم أن يحملوا المعطوف على ما عُطِفَ عليه، نحو: هذا ضارِبُ زيدٍ وعَمْرٍو غَدًا، وينصبون عَمْرًا، إلا أن الثانِيَ كلما تباعد من الأول قَوِيَ النصبُ واخْتِيرَ، نحو قولك: هذا مُعْطِي زيدِ الدراهمَ، وعَمْرًا الدنانيرَ، والجر جَيِّدٌ بالِغٌ". المقتضب ٤/ ١٥١. وقال المبرد أيضًا: "واعلم أن اسم الفاعل إذا كان لِما مضى، فقلت: هذا ضارِبُ زيدٍ أمْسِ وعَمْرٍو، وهذا مُعْطِي الدراهمِ أمْسِ وعَمْرٍو، جاز لك أن تنصب عَمْرًا على المعنى لِبُعْدِهِ من الجارِّ، فكأنك قلت: وأعْطَى عَمْرًا، فمن ذلك قوله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} على معنى: وَجَعَلَ، فنصب". المقتضب ٤/ ١٥٤، وما قاله المبرد سبقه إليه سيبويه، ينظر: الكتاب ١/ ١٧٤ - ١٧٥. (٣) يعني أنه مفعول مطلق، وهذا أحد وجهين قالهما الفراء والأخفش، والثانِي: أنه معطوف على {سِرَّهُمْ} كما ذكر المؤلف قبل قليل، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٣٨، وقول الأخفش حكاه النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٢٣، والأزهري في معانِي القراءات ٢/ ٣٦٩، وذهب الزجاج إلى أنه منصوب بالعطف على محل الساعة؛ لأن المعنى: ويعلم الساعةَ ويعلم قِيلَهُ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٢١، وينظر أيضًا: إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٨٧، الحجة للفارسي ٣/ ٣٨٢، ٣٨٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٨٥، الفريد للهمداني ٤/ ٢٦٦.