للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يعني يوم بدر، وهو قول أكثر المفسرين، وقال الحسن: يعني يوم القيامة، ونصب "يَوْمَ" على الظرف، تقديره: إنّا منتقمون يومَ نَبْطِشُ، ويحتمل أن يكون نصبًا بإضمار فعلٍ، تقديره: اذْكُرْ يا محمد يومَ نبطش البطشةَ الكبرى (١) {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)} من كفار مكة.

قوله: {فَدَعَا رَبَّهُ} يعني موسى عليه السّلام {أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) أي: مشركون لا يؤمنون، ومحل "أنّ" نصب بِنَزْعِ الصفة؛ أي: بأن هؤلاء (٢)، ومن قرأ بكسر "إنّ" (٣) فلأنه بعد قولٍ مضمرٍ، تقديره: قال: إن هؤلاء (٤).

قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي} يعني بني إسرائيل {لَيْلًا}؛ أي: سِرْ بِهِمْ لَيْلَتَكَ {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣)} يَتَّبِعُكُمْ فِرْعَوْنُ وقومُهُ؛ لِيَرُدُّوا بني إسرائيل في العبودية، ودخلت الفاء لوقوعه موقع الجواب، كأنه قال: فأجيب بأن قيل له: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا} (٥)، ونصب {لَيْلًا} على الظرف.


(١) الوجه الأول الذي ذكره المؤلف، وهو أنه ظَرْفٌ لـ {مُنتَقِمُونَ} لا يجوز، قال الزجاج: "ويَوْمَ لا يجوز أن يكون منصوبًا بقوله: {مُننَقِمُونَ}؛ لأن ما بعد {إِنَّا} لا يجوز أن يعمل فيما قبلها، ولكنه منصوب بقوله: واذْكُرْ يوم نبطش البطشة الكبرى". معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٢٥، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٢٨، وفيه أوجهٌ أخرى، أحدها: أنه بدل من {يَوْمَ تَأْتِي}، والثانِي: أنه منصوب بمضمر دَلَّ عليه {مُنْتَقِمُونَ}؛ أي: ننتقم يوم نبطش، والثالث: أنه منصوب بقوله: {عَائِدُونَ}، ينظر: التبيان للعكبري ص ١١٤٦، الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٧١، ٢٧٢، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٣١٧.
(٢) يعني: بِنَزْع الخافض، وهذا الوجه قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٢٦، وينظر: تفسير القرطبي ١٦/ ١٣٦.
(٣) قرأ بالكسر ابنُ أبِي إسحاق وعيسى بنُ عمر وابنُ عمير، والحسنُ في روايةٍ عنه، وزيدُ بن عَلِيٍّ، ينظر: البحر المحيط ٨/ ٣٦، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٢٠.
(٤) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٢٦، إعراب القرآن ٤/ ١٢٩.
(٥) قال الطبري: "وقوله: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي}، وفي الكلام محذوف، اسْتُغْنِيَ بدلالة ما ذُكِرَ عليه =

<<  <  ج: ص:  >  >>