للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، وإن شئت على الابتداء، على معنى: هو رَبُّ السماوات والأرض {وَمَا بَيْنَهُمَا} من الخَلْقِ والهَواءِ {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧)} بذلك، وهو أنه لا إلَهَ غَيْرُهُ، {بَلْ هُمْ} يعني الكفار {فِي شَكٍّ} من هذا القرآن {يَلْعَبُونَ (٩) أي: يَهْزَؤونَ به، لَاهِينَ عنه.

قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ} يا محمد {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)}، وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دَعا على قومِه لَمّا كَذَّبُوهُ، فقال: "اللهُمَّ سَبْعًا كَسِنِي يُوسُفَ" (١)، فَأجْدَبَتِ الأرضُ، فأصابت قُرَيْشًا المَجاعةُ، فصار الرجلُ لِما بِهِ من الجوع يَرَى بينه وبين السماء كالدخان، و {يَوْمَ} نصب مفعول بقوله: {فَارْتَقِبْ}، وليس بظرف.

قوله تعالى: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى} إنكار، يعني: مِنْ أيْن لَهُم التذكر والاتعاظ؟ {وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} يعني محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، بَيَّنَ لكفار مكة الحقَّ بلسانِهِ {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ} ولَمْ يَقْبَلُوا قولَه {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ}؛ أي: هو مُعَلَّمٌ يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ {مَجْنُونٌ (١٤)} بِادِّعائِهِ النُّبُوّةَ.

قوله: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥)} يعني: إلى شِرْكِكُمْ وتكذيبكم، وقيل: إلى عذاب الآخرة، ونصب {قَلِيلًا} على النعت لمصدرٍ محذوفٍ، أو لظرفٍ محذوفٍ، تقديره: كَشْفًا قَلِيلًا، أو وَقْتًا قَلِيلا (٢).


(١) رواه البخاري بسنده عن أبِي هريرة بألفاظ مختلفة في صحيحه ١/ ١٩٥ كتاب الأذان: باب الطمأنينة حتى يرفع رأسه من الركوع، ٢/ ١٥ كتاب العيدين: باب "إذا استشفع المشركون بالمسلمين عن القحط"، ٤/ ١٢٢ كتاب بدء الخلق: باب قول اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ}، ٦/ ٣٩ كتاب التفسير: سورة الدخان.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٢٧، وينظر: التبيان للعكبري ص ١١٤٦، الفريد ٤/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>