وأما الحاكم فلا حيلة له في ذلك، ولا عيب عليه بسببه، بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد، فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي، ومالك، وأحمد، وجماهير علماء الإسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم؛ أن حكم الحاكم لا يحيل الباطن، ولا يحل حرامًا، فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال فحكم به الحاكم لم يحل للمحكوم له ذلك المال، ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما، وإن شهدا بالزور أنه طلق امرأته لم يحل لمن علم ذلك أن يتزوجها بعد حكم القاضي بالطلاق.
قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطَي التيمي ﵀ ورضي عنه: يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال، فقال: يحل نكاح المذكورة.
وهذا مخالف لقاعدة وافق هو وغيره عليها؛ وهي أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال (١).
وتكلمتُ مع بعض الحنفية في ذلك فأبدى له علة هو فيها محتاط، لم يخرج عن الاحتياط فيها، والله أعلم.