وأما قوله:"إلا آكلة الخضر"، مثل للمقتصد؛ وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتَحْسُن وتنعم، ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويُبسها حيث لا تجد سواها، وتسميها العرب الجنْبَة، فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمرئها، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلًا لمن يقتصر في الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو بنجوةٍ من وبالها كما نجت آكلة الخضر.
ألا تراه قال:"أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت"، أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت وتجتر وتثلِط، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحبَط، وإنما تحبط الماشية؛ لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلِط ولا تبول، فتنتفخ أجوافها فيعرض لها المرض فتهلك.
وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، والله أعلم.
٣٩٩٦ - قوله:"حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ": هو بتشديد الواو، وقد تقدّم غير مرة.
قوله:"أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ حَدَّثَهُ": رباح بفتح الراء ثم الموحدة.