للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبت الحارث مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، حين انكشف الناس، وبايعه على الموت.

وقتل عثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي (١)، وأخذ سلبه؛ درعا ومغفرا وسيفا جيدا، ولم يسمع بأحد سلب يومئذ غيره، وبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«الحمد لله الّذي أحانه» (٢).

وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد يقول: «ما فعل عمّي، ما فعل حمزة»؟، فخرج الحارث بن الصمّة، في طلبه، فأبطأ، فخرج علي بن أبي طالب وهو يرتجز ويقول:

يا رب إن الحارث بن الصمّة … كان رفيقا وبنا ذا ذمه

قد ضل في مهامه مهمة … يلتمس الجنة فيما ثمّه

حتى انتهى علي بن أبي طالب إلى الحارث، فوجده ووجد حمزة مقتولا، فرجعا فأخبرا النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وقيل (٣): كان الحارث يسوق بالنبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج على بدر، فقال الشاعر:

[١٤٧/أ]

يا رب إن الحارث بن الصمّة … أهل وفاء صادق وذمه

أقبل في مهامه ملمه … في ليلة ظلماء مدلهمه

يسوق بالنبي هادي الأمة … يلتمس الجنة فيما ثمه

وشهد الحارث: يوم بئر معونة، وكان هو وعمرو بن أميّة الضمري، في السر-ح، فرأيا الطير تعيف (٤) على منزلهم، فأتيا، فوجدا أصحابهما مقتولين، فقال لعمرو: ما ترى؟، قال عمرو: أرى أن ألحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال الحارث: ما كنت لأتأخر عن


(١) في: أنساب الأشراف (ج ١ ص ٣٣٥)، قال: (عثمان بن عبد الله بن أبي المغيرة).
(٢) كتب بجانب نص المتن ما يلي: (حان الرجل: هلك، وأحانه الله تعالى أهلكه)، ومثله في: الصحاح (ج ٥ ص ٢١٠٦)، وتاج العروس (ج ٩ ص ١٨٨)، مادة: حين.
(٣) الاستبصار (ص ٧٨).
(٤) كتب بجانب نص المتن: (عافت الطير، تعيف عيفا، إذا كانت تحوم على الماء، أو على الجيف، وتتردد ولا تمضي، تريد الوقوع فهي: عايفة) ومثله في: الصحاح (ج ٤ ص ١٤٠٨)، وتاج العروس (ج ٦ ص ٢٠٧)، مادة: عاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>