[(ب) أما ما يتعلق بمخطوطة «أخبار قبائل الخزرج» فهي كما يلي]
* أظهرت المخطوطة والدراسة اهتمام علماء ذلك العصر بتقييد الكلمات والأسماء بالحروف، وضبطها بالشكل، تفاديا للأخطاء والتصحيف والتحريف، في المعنى المقصود للكلمة أو للاسم المراد رسمه من أجل بيانهما لطلاب العلم، وهي دلالة على التزام هؤلاء العلماء بإيصال هذه العلوم إلى من بعدهم كما تلقوها ووصلت إليهم ممن قبلهم من أئمة السلف الصالح، ولعل ذلك يعود أيضا إلى انتشار التصحيف والتحريف في اللغة العربية لغة الشرع والأمة الإسلامية في ذلك العصر، ونجد علمنا الدمياطي يهتم بهذه اللغة فيقيد ويضبط العديد من الكلمات والأسماء التي تحتمل كل ما سبق، حتى أننا نجده يصحح لغويا اسم بلدته التي ضبطها غيره من العلماء السابقين مثل الحافظ أبو محمد عبد الله بن علي الرشاطي (ت/٥٤٢ هـ) الذي قال هي: «ذمياط: بالذال المعجمة»، في حين قال الدمياطي هي:«دمياط؛ بدال مكسورة، وبعدها: ميم ساكنة، وياء باثنتين تحتها، بعدها: ألف وطاء وهاء، والدال والطاء: مهملتان»(١)، وغير ذلك مما احتوته المخطوطة والدراسة.
*يعتبر كتاب «أخبار قبائل الخزرج» لعبد المؤمن الدمياطي هو الأول في مكتبتنا العربية من حيث فنه وتصنيفه، فلا أعلم أحدا افرد كتابا في قبيلة الخزرج بن حارثة، غير الدمياطي، حتى وقتنا الحاضر، ويعتبر هذا الكتاب ثالث مؤلف يصل إلينا يختص في قبائل الأنصار عامة، إذ سبقه إلى ذلك الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي (ت ٦٢٠ هـ) في كتاب «الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار»، والقاضي أبو بكر عتيق بن أحمد بن محمد الغساني الغرناطي (ولد سنة ٦٣٥ هـ) في كتابه «نزهة الأبصار في فضائل الأنصار»، ومع ظهور الكتابين قبل كتاب مؤلفنا إلا أن كتاب الدمياطي يبرز بغزارة معلوماته وأخباره، ولا حتوائه على تراجم الصحابة
(١) انظر: رحلة العبدري (ص ١٣٣)، ومستفاد الرحلة والاغتراب للتجيبي (ص ٨٢)، وبرنامج الوادي آشي (ص ١٤٨).