كتب مروان بن الحكم، إلى النّعمان بن بشير، يخطب على ابنه عبد الملك بن مروان، أم أبان بنت النّعمان، وكان كتابه إليه:
" بسم الله الرحمن الرحيم.
من: مروان بن الحكم .. ، إلى: النّعمان بن بشير؛ سلام عليك.
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد.
فإن الله ذو الجلال والإكرام والعظمة والسلطان، قد خصكم معاشر الأنصار بنصرة دينه، وإعزاز نبيه، وقد جعلك الله منهم في البيت العميم والفرع القديم، وقد دعاني ذلك إلى اختيار مصاهرتك وإيثارك على الأكفاء من ولد أبي، وقد رأيت أن تزوج ابني عبد الملك بن مروان، ابنتك أم أبان بنت النّعمان، وقد جعلت صداقها ما نطق به لسانك وترنمت به شفتاك وبلغه مناك وحكمت به في بيت المال قبلك".
فلما قرأ النّعمان كتابه، كتب إليه:
" بسم الله الرحمن الرحيم.
من: النّعمان بن بشير .. ، إلى: مروان بن الحكم!.
بدأت باسمي سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأني سمعت رسول الله يقول:«إذا كتب أحدكم إلى أحد فليبدأ بنفسه»(١)، أما بعد، فقد وصل إليّ كتابك، وفهمت ما ذكرته فيه من محبتنا، أما أن تكون صادقا فغنم أصبت، وبحظك أخذت، لأنا أناس جعل حبنا إيمانا، وبغضنا نفاقا، وأما ما أطنبت فيه من ذكر شرفنا وقديم سلفنا؛ ففي مدح الله لنا وذكره إيانا في كتابه المنزل وقرآنه المفصل على نبيه صلى الله عليه وسلم ما أغنانا عن مدح أحد من الناس، * [٧٦/ب] *وأما ما ذكرت أنك آثرتني بابنك عبد الملك بن مروان، على الأكفاء من ولد أبيك فحظي منك مردود عليهم موفر لهم غير مشاح لهم فيه، ولا منازع لهم عليه، وأما ما ذكرت أنك جعلت صداقها ما نطق به لساني وترنمت به شفتاي وبلغه مناي وحكمت به في بيت المال قبلي، فقد أصبح بحمد الله-لو أنصفت-حظي في بيت المال أوفر من حظك، وسهمي فيه أجزل من سهمك، فأنا الذي أقول:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت … لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي كريمة … عيوف لأصهار اللئام قذور
(١) مجمع الزوائد (ج ٩ ص ٧٧١)، والسلسلة الضعيفة (ر/١٧٤٠).