للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أوس بن الصامت، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي (١).

وشهد أوس: بدرا، وأحدا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم دهرا، وذكروا أنه أدرك عثمان بن عفّان رضي الله عنه.

وكان أوس بن الصامت أول من ظاهر في الإسلام.

وكان (٢) من ظاهر في الجاهلية حرمت عليه امرأته آخر الدهر-، وكان أوس به لمم، وكان يفيق أحيانا، فلاحى امرأته خولة بنت مالك (٣) بن ثعلبة بن أصرم، في بعض ضجراته (٤)، فقال لها: أنت علي كظهر أمي!، ثم ندم، فقال: ما أراك إلا قد حرمت علي، فقالت: ما ذكرت طلاقا، وإنما كان التحريم فينا قبل أن يبعث الله رسوله، فآت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله عما صنعت؟، فقال: إني لأستحي منه أن أسأله عن هذا، فأتي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى أن تكسبينا منه خيرا تفرجين به عنا ما نحن فيه مما هو أعلم به؟، فلبست ثيابا ثم خرجت حتى دخلت عليه بيت عائشة، فقالت: يا رسول الله إن أوسا من قد عرفت؛ أبو ولدي وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم، وعجزت مقدرته، وضعفت قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه بشيء إن وجدته أنا، وأحق من علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة؛ والذي أنزل الكتاب ما ذكر طلاقا، قال: أنت علي كظهر أمي؟.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أراك إلا قد حرمت عليه»، فجادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا، ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما يشق علي من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون لنا فيه فرج، قالت عائشة: فلقد بكيت وبكى من كان في البيت رحمة* [٩٢/أ] *لها ورقة عليها، فبينا هي كذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يغط‍ في رأسه، ويتربد في وجهه، ويجد بردا في ثناياه، ويعرق حتى يتحدر منه مثل الجمان، قالت عائشة: يا خولة إنه


(١) المحبر (ص ٧١).
(٢) طبقات ابن سعد (ج ٨ ص ٣٧٩).
(٣) في: طبقات ابن سعد (ج ٣ ص ٥٤٧)، أسقط‍: (مالك).
(٤) كتب في حاشية نص المتن (صحواته).

<<  <  ج: ص:  >  >>