للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح، في قبر واحد»، لما كان بينهما من الصفاء.

وقال: «ادفنوا هذين المتحابّين في الدّنيا في قبر واحد» (١).

قال: وكان عبد الله بن عمرو، رجلا أحمر أصلع، ليس بالطويل، وكان عمرو بن الجموح، رجلا طويلا، فعرفا، فدفنا في قبر واحد، وكان قبر هما مما يلي المسيل، فدخله * [١٠١/ب] *السيل، فحفر عنهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في وجهه، ويده على جرحه، فأميطت يده عن جرحه، فانبعث الدم، فردت يده إلى مكانها، فسكن الدم (٢).

قال جابر (٣): فرأيت أبي في حفرته كأنه نائم، وما تغير من حاله قليل ولا كثير، فقيل له: فرأيت أكفانه؟، فقال: إنما كفن في نمرة، خمّر بها وجهه، وجعل على رجليه الحرمل، فوجدنا النمرة كما هي، والحرمل على رجليه على هيئته، وبين ذلك ستة وأربعون سنة!، فشاورهم جابر، في أن يطيب بمسك، فأبى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا تحدثوا فيهم شيئا، وحوّلا من ذلك المكان، إلى مكان آخر، وذلك أن القناة كانت تمر عليهما وأخرجوا رطابا يتثّنون.

وعن جابر، قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أجرى معاوية، العين، فأخرجناهم بعد أربعين سنة، لينة أجسادهم تتثنى أطرافهم.

وعن جابر، قال: دفن مع أبي رجل في القبر، فلم تطب نفسي حتى أخرجته، فدفنته وحده.

وعن جابر، أن أباه قال له: إني أرجوا أن أكون أول من يصاب غدا فأوصيك ببنات عبد الله خيرا فأصيب، فجعلنا الاثنين في قبر واحد، فدفنته مع آخر في قبر، فلبثنا ستة أشهر ثم إن نفسي لم تدعني حتى أدفنه وحده فاستخرجته من القبر، فإذا الأرض لم تأكل شيئا منه إلا قليل من شحمة أذنه.


(١) الموطأ-رواية يحي الليثي- (ر/١٠٠٥)، ولم أجد بنصه وإنما يدل عليه.
(٢) مغازي الواقدي (ص ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٣) مغازي الواقدي (ص ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>