للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بدرا، قال له الحباب: يا رسول الله إن كان هذا المنزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدم عنه ولا نتأخر، فسمعا وطاعة، وإن كان إنما هو الرأي والمكيدة، فليس هذا بمنزل، ولكن نتقدم على أدنى مياه بدر إلى القوم، فننزل عليه ونبني لنا حوضا فنملؤه من الماء، ونغور ما وراءه من القلب، ثم نلقى عدونا فنشرب ولا يشربون (١).

وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل منزلا يوم بدر، فقال الحباب بن المنذر:

ليس هذا بمنزل، انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم، نبني عليه حوضا ونقذف فيه الآنية، فنشرب ونقاتل، نغوّر بما سواها من القلب، قال: فنزل جبريل، على رسول الله فقال:

«الرّأي ما أشار به الحباب بن المنذر»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حباب، أشرت بالرّأي» (٢)، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل كذلك.

وعن يحيى بن سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس يوم بدر، فقام الحباب بن المنذر، فقال: نحن أهل الحرب، أرى أن نغور الماء، إلا ماء واحدا نلقاهم عليه.

قال: واستشارهم يوم قريظة، والنضير، قال: فقام الحباب بن المنذر، فقال:

أرى أن ننزل بين القصور فتقطع خبر هؤلاء عن هؤلاء، وخبر هؤلاء عن هؤلاء، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله.

وقيل: كان لواء الخزرج يوم بدر، مع الحباب بن المنذر (٣).

قال محمّد بن عمر: شهد الحباب، بدرا، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وشهد أحدا، وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه على الموت (٤)، وشهد يوم السقيفة، سقيفة بني ساعدة، حين اجتمعت الأنصار لتبايع سعد بن عبادة، وحضر أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وغيرهم من المهاجرين، فتكلموا، فقال الحباب بن المنذر: أنا جذيلها المحكّك * [١٠٩/أ] *وعذيقها المرجّب، منّا أمير ومنكم أمير، ثم بويع أبو بكر، وتفرقوا، وتوفي الحباب بن المنذر، في خلافة عمر بن الخطاب (٥)، وليس له عقب.


(١) الاستبصار (ص ١٥٧).
(٢) السلسلة الصحيحة (ج ٧ ص ٤٤٨).
(٣) مغازي الواقدي (ص ٥٨).
(٤) مغازي الواقدي (ص ٢٤٠)، وأنساب الأشراف (ج ١ ص ٣١٨).
(٥) تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين (ص ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>