للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القشعريرة، فأخذت نحوه، وخشيت أن يكون بيني وبينه مجالدة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه وأوميء برأسي، فلما انتهيت إليه، قال: أجل أنا في ذلك، فمشيت معه حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف* [١٣٠/أ] *حتى قتلته، ثم خرجت وتركت ظعائنه يبكين عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أفلح الوجه»، قلت: قتلته يا رسول الله، قال: «صدقت»، ثم قام معي فدخل بي بيته فأعطاني مخصرا (١)، فقال: «خذ هذه فتخصر بها يوم القيامة، فإنّ المتخصرين يومئذ قليل».

وفي لفظ‍: فأعطاني عصا، فقال: «امسك هذه العصا عندك»، فقلت: يا رسول الله لم اعطيتني هذه العصا؟، قال: «آية بيني وبينك يوم القيامة إذا قلّ النّاس المتخصرون يومئذ»، فقرنها عبد الله بسيفه، فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه في كفنه، ثم دفنا جميعا (٢). وفي رواية ابن سعد (٣): فمشيت معه، وحدثته واستحلى حديثي، حتى انتهى إلى حبانة، وتفرق عنه أصحابه، حتى إذا هدأ الناس وناموا اغتررته فقتلته، وأخذت رأسه ودخلت غارا في الجبل، وضربت العنكبوت علي، وجاء الطلب، فلم يجدوا شيئا، فانصرفوا راجعين، وخرجت فكنت أسير الليل، وأتوارى بالنهار، حتى قدمت المدينة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما رآني قال: «أفلح الوجه»، قلت:

أفلح وجهك يا رسول الله، فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إلي عصا، فقال: «تخصر بهذه في الجنّة»، فكانت عنده، فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه، ففعلوا، وكانت غيبته: ثماني عشرة ليلة، وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم، على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره.

روى أبو داود (٤)، هذا الحديث: في صلاة الخوف، مختصرا، في باب: صلاة الطالب، عن أبي معمر عن عبد الوارث عن محمّد بن إسحاق عن محمّد بن جعفر عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه، قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي،


(١) المخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب، انظر: النهاية (ج ٢ ص ٣٦).
(٢) نقل ابن القيم رحمه الله طرفا من هذا الخبر، من الحافظ‍ الدمياطي، انظر: زاد المعاد (ج ٣ ص ٢٤٣ - ٢٤٤).
(٣) طبقات ابن سعد (ج ٢ ص ٥١).
(٤) سننه، ك/الصلاة، ب/صلاة الطالب ر/١٢٤٩، (ج ١ ص ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>