السجون والمعتقلات فعلا، إلا أن الجزائريين كلهم مقاتلون بالطبع وبالممارسة، وفي استطاعتهم أن يحشدوا مئات الآلاف للقتال، وفي استطاعتهم أن يقلقوا راحة فرنسا لعشرات السنين، حتى تمل وتعجز، ثم تخرج مطأطأة الرأس من حيث دخلت، وهي رافعة إياه، ولكن ذلك متوقف على المال أولا ... وثانيا ... وثالثا ... ولا شيء ينقص المكافحين، في تلك الديار سوى المال، فمن أين يأتي هذا المال الضروري، عصب الحرب كما يقولون أيها العرب؟ .. هل تريدون أن نأخذه من الشيوعيين، أم نأخذه من المستعمرين الآخرين غير الفرنسيين، إن كل هؤلاء أعداؤكم، وإن كل هؤلاء أخباث.
[نطالبكم بحق وليكن دينا علينا]
إننا اليوم مضطرون كل الاضطرار، لنعلن عتبنا الشديد على إخواننا العرب، لأننا نفتقر إلى القليل من مالهم، الذي ينفقونه في الكماليات، وفد يكفينا لنحرر به أنفسنا من الاستعباد، ونحن حينما نطالبهم بذلك، فلا نشعر مطلقا بأننا متسولون، أو أنهم يد عليا ونحن يد سفلى، لأننا نطالب بحق أولا، ولأن هذا الحق ثانيا، سيكون دينا علينا نرده إليهم في القريب، وربما يكونون يومئذ في أشد الحاجة إليه وإلينا، وإني أحلف غير حانث، لو أن المغرب العربي قد تحرر وتم استقلاله، لكفى العرب شر إسرائيل وغير إسرائيل، وأن أعدائكم مع الأسف أيها العرب، ليفهمون ذلك ويقدرونه أحسن منكم، فأقرضوا لإخوانكم الأوفياء قرضا حسنا يضاعفه الله لكم، ولكم أجر كريم. وبعد؛ فيا أيها العرب الكرام: اعلموا جيدا أنه، إن كانت سوريا الشقيقة في حاجة إلى أسبوع للتسليح، فإن تسليح الجزائر والمغرب العربي المحروم، يحتاج إلى أشهر وأعوام، ويهمني هنا أن أسجل عتبا آخر، على أولئك الذين تبرعوا بمبالغ متواضعة، وأنهم مع الأسف، جعلوها باسم المنكوبين، ثم حاولوا أن يوصلوها إليهم، من طريق المستعمرين أنفسهم، إنه لشيء يبعث حقا على الحزن والضحك في آن واحد، إذ متى كان الذئب راعي غنم أمين، ومن ذا الذي نكب الجزائريين والمغاربة سوى الاستعمار الفرنسي، الذي تطمعون أن يساعدكم على مواساة إخوانكم هناك.