للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سقطت لها صحيفة شهيدة في ميدان الجهاد، قامت مقامها أخرى على الفور؛ حتى يومنا هذا، ومن غريب ما يجب تسجيله بهذه المناسبة - وكل شؤون الاستعمار الفرنسي غريبة - أن الحاكم العام، قد أصدر مرة، أمرا استبداديا يقضي بتعطيل كل صحيفة تصدرها جمعية العلماء مسبقا قبل ظهورها، وكان ذلك مخالفا للقوانين العامة مخالفة ظاهرة، فتحدته الجمعية، وانتصرت عليه كما انتصرت على سواه.

وبعد، فإن هذه الفذلكة الموجزة، من تاريخ جمعية العلماء الجزائريين، إنما هي قطرة من بحر، أما استيعاب الكلام على أعمال جهادها، فيحتاج إلى أكثر من كتاب، وخلاصة القول فيها، وشهادة الحق لله، أنها كانت الباعثة للأمة الجزائرية على الخصوص، وأعظم مشاركة في بعث المغرب العربي على العموم، وأنها كانت الواضعة للاسفين الأول، في نعش الاستعمار. وأن هذا الاستعمار ليعرف ذلك أكثر من جميع الناس وأنه لم ينس للجمعية يوما هذا الصنيع، وأنه ما يزال يحفظ لها ذلك (الجميل) حتى الآن.

الفضيل الورتلاني

[الفضيل الورتلاني يوضح عدد سكان المغرب العربي]

كتب الأستاذ منير شريف بزاويته في جريدة (الحياة) الغراء، يصحح فيها عدد السكان العرب في مختلف أقطارها، ويغلب على ظني، أن أرقامه عما سوى المغرب العربي لا تخلو من مبالغة، بينما كانت أرقامه عن هذا المغرب المسكين، مجحفة أشد الإجحاف، ويظهر أن حظ هذه البلاد المكافحة، الصابرة صبر الأنبياء، من إخوانها العرب قليل، حتى في النظريات التي لا تكلفهم لا خيلا ولا مالا. من أجل ذلك لم يشذ الأستاذ الشريف عن القاعدة، حين أسقط نحو ثلث سكان هذه البلاد من إحصائه، إذ قدرهم بثلاث وعشرين مليونا فقط، وهو صنيع غير جميل،

<<  <   >  >>