أن حفظ الله لها من بين المنتسبين إليها، بتجرد وصدق، من يرعى حرمتها، ويغار على مبادئها، ولا يرضى لها بحال، أن تكون بضاعة يتاجر بها، أو مجرد حزب سياسي، يعمى أو يتعامى عن كل ما في المسيحية من الفضائل والمثل العليا، وأمامنا الآن طائفة من المقالات النزيهة الكريمة، كتبها مسيحيون شرقيون، بل لبنانيون ومارنيون، ينددون فيها بالاستعمار عامة، ويتنكرون من أعمال الفرنسيين في الجزائر بصفة خاصة، ويسرنا أن نثبتها هنا بنصوصها للعبرة والتاريخ، منسوبة إلى أهلها وإلى الصحف التي نشرت فيها، ونبدأ بكلمة جريدة الديار الغراء، في عدد ١٢ - ٤ - ١٩٤٦ بقلم صاحبها الجريء الأستاذ حنا غصن قال:
[الاتجار بالمسيحيين]
استعان المستر رالف إيزارد، الصحفي البريطاني، بكاتب في جريدة "لوسوار" الفرنسية، ليبرهن للرأي العام البريطاني، على أن اللبنانيين، وبصفة خاصة المسيحيين، لا يوافقون الرئيس عبد الناصر على مقاطعة فرنسا. وقد نقل الصحفي البريطاني ما نشرته "لوسوار" بالحرف الواحد، ثم اتخذ رأي الكاتب دعامة استند إليها عندما قال: إن لبنان أيضا لا يتلفت إلى القاهرة، ولا يقول بالاتفاق مع رئيس حكومتها.
ولم تعد نيات بريطانيا نحو الرئيس المصري مجهولة، لنحمل أقوال المستر إيزارد وأمثاله على محمل حسن النية. فهدف الصحفي البريطاني، امتدادا لأهداف دولته، وهي أهداف مفضوحة، تنبثق من مرارة الفشل التي منيت بها السياسة البريطانية في الشرق العربي. وما الاستناد إلى كلام تنشره "لوسوار"، وتصوير كاتبها أنه يمثل الرأي العام المسيحي في لبنان، سوى مغالاة في الاندفاع مع المغالطات وسوء النية. وإلا فكيف يستند صحفي بريطاني، يستلهم فيما يكتبه الدوائر البريطانية الرسمية كاتبا نكرة بالنسبة، تنشر كل مقالاته جريدته إذا لم تكن نكرة بجميع معاني الكلمة، فهي شبه نكرة؟ ومن هذا الذي يستطيع الزعم، أنه يمثل الرأي العام