الفحم والحديد والرصاص والزنك والنحاس والمنجنيز والفوسفات والكبريت والبترول، وغير ذلك مما تزخر به تربة الجزائر، وتسابق الشركات الأجنبية لاستغلاله. فهي إذن من حيث الموارد الطبيعية والثروة الزراعية والمعدنية والحيوانية، جنة من جنات الأرض، ولكنها جنة لا يتمتع أصحابها الشرعيون بخيراتها، وتعتبر بلاد الجزائر بمنطقة سياحية من الطراز الأول، لا تكاد تجد فرقا بينها وبين سويسرا، بل أن مناطق الغابات والجبال فيها تفوق أمثالها في سويسرا روعة وجمالا.
وبهذه الطبيعة الغنية الخصبة، السهلة الوعرة، الشديدة اللينة، تأثرت نفسية الشعب الجزائري على نحو ما يتأثر كل كائن حي بعوامل البيئة الطبيعية التي تحيط به.
فإذا أضفنا إلى ذلك تلك الأحداث التي تعاقبت منذ فجر التاريخ على القطر الجزائري، أمكننا أن ندرك ماهية النفسية الجزائرية على حقيقتها، وعرفنا سر تلك المقاومة التي يبديها الجزائريون في وجه الغزاة المعتدين ذودا عن الوطن، وحفظا لأمجادهم وتمسكا بتراث أجدادهم.
والاستعمار، على وجه العموم، هو أشد قارعة تصاب بها الأمم، وهو على فظاعته وبربريته أنواع ودرجات، على أن أخبث أنواعه وأشدها فظاعة وأكثرها خطرا على قوميات الشعوب ومصائرها هو الاستعمار الفرنسي.
[مراكش .. والاستقلال]
في ١١ يناير سنة ١٩٤٤، قدمت جميع الهيئات السياسية في مراكش إلى جلالة ملكها، وإلى سلطات الحماية، وإلى ممثلي إنكلترا وأمريكا وروسيا، عريضة تطالب فيها، باسترجاع استقلال الدولة المراكشية المسلوبة.
ومن وراء هذا التاريخ، سنوات طويلة ترجع إلى سنة ١٩١٢ يوم أرغمت فرنسا وجيوشها المحتلة، جلالة السلطان الأسبق على توقيع معاهدة، لم تنفذ على