يوما أو أتعرف عليه، ويشاء الله أن يعود أخي رشيد إلى اليمن مرة ثانية في مهمة حكومية. ويشاء الله تعالى أن يبقى هناك، بجانب الورتلاني أكثر مما كان يقدر حتى وقع الانقلاب المشهور وهو هناك، واتهم الورتلاني بأنه المدبر الأول للإنقلاب، والمسؤول الأول عنه، وذاع الأمر في جميع أطراف الدنيا، ولكن الورتلاني سلمه الله من الفتن. فخرج من اليمن قبل أن يقدروا عليه. وأما أخي فقد أتهم أيضا بالاشتراك في الانقلاب، وكان ما يزال بين أيديهم قادرين عليه، ولولا لطف الله به لأصابه شر وأذى خطأ، كما أصاب سواه خطأ في بلدة لا تعرف شيء بعد، لا من أصول الاتهام ولا التحقيق ولا الدفاع.
[الورتلاني في البحار]
كانت الأخبار قد بلغتنا بأن أخي محبوس في اليمن متهم، ويوشك بين الساعة وأخرى أن يصبح في عداد المعدمين، فقمنا هنا بمساعي كبيرة، حتى حملنا رئيس الحكومة اللبنانية أن يبرق في شأنه إلى الإمام، باعتبار أخي مندوبا رسميا عن الحكومة اللبنانية، ولكن الإمام عرف في الأخير براءة أخي، وعرف أن الخير في الإحسان إليه، فاعتذر له وبالغ في إكرامه، واستشاره في كثير من الأمور، وأخذ برأيه في بعضها، ثم ترك اليمن وعاد إلى لبنان، وأخذ يحدثني عن الورتلاني من جديد، حديث المعجبين أعظم الإعجاب بهمة الرجل الفذ، وشخصيته النادرة، وإخلاصه العميق، وكان يصحب إعجاب أخي بالورتلاني، كثير من الحزن والإنفاق على مصيره، لأن الورتلاني وقتئذ، ما يزال على ظهر الباخرة، ينتقل في البحار، وأبواب الدنيا جميعا موصودة في وجهه، والحاكمون بأمرهم والمستعمرون، يلاحقونه بأراجيفهم، ويطاردونه في كل مكان، وهنا أخذ الورتلاني من نفسي، مركزا جديدا من التقدير والاحترام، وصرت أدعو الله دائما أن يكتب له السلامة، ليستأنف جهاده الكريم في هذا المجتمع المسكين، المقفر من الرجال الأكفاء المخلصين، وأن يجمعني به يوما في أسعد الحالات وأكرمها، لقد كانت ظواهر