استقلال القطرين الشقيقين، هي استقلال الجزائر، وإن كانت تلاقي العناء، وتماطل من الغرماء، فإن الأيام كفيلة باقتضائها منهم؛ ونيلها ما كانت تصبو إليه وتتمناه، وكافحت من أجله منذ الاحتلال، ومأثوراتها هذه الأخيرة، إلا من سلسلة الثورات التي قامت في وجه الاستعمار، وإن أخمدت أحيانا بالقوة، فهي ما تزال كامنة كمون النار في الحجارة. ولا يزيدها ما تمني به من ضغط، إلا انفجار على انفجار.
إن الأمة الجزائرية الخالدة، أمة صارعت القرون وهي محتفظة بكيانها، ما ركبت هذا المركب الصعب، إلا لإيمانها أنها تتخلص من براثن الاستعمار وإن الله كتب لها الانتصار.
وها قد جاء استقلال القطرين خير بشير لها بذلك، وليفرح المؤمنون بنصر الله.
جريدة البصائر ١٣ مارس ١٩٥٦.
حمزة بوكشه
[الامتزاج، أم الدولة ذات الجنسيات؟]
صاحب هذا المقال، "مسيو سيل إيمري" من كبار علماء فرنسا المتحررين، وعضو في المجمع العلمي، وأستاذ قسم التخصص والتبريز في كلية العلوم بجامعة الجزائر، وهو بحكم الدم والرحم، وبحكم المصلحة، يحب فرنسا، ويريد لها الخير، ولكنه في الوقت نفسه إنسان، يرى أن للإنسانية كرامة مقدسة، لا يفقد اعتبارها أحد، بسبب لونه، أو عرقه، أو ضعفه، تم إنه يرى، أن كل معركة تقوم بين الحق والباطل، فالنصر النهائي للحق دائما، لذلك يكتب هذا المقال بتجرد، ويسخر من ألاعب بني جنسه وعبثهم، لأنهم قد قضوا قرنا وربع قرن في الجزائر، يتمتعون وحدهم بخيراتها، ويمتصون دماء أهلها، وإذا رأيتهم يحاولون يوما أن يغيروا شيئا من الأوضاع فيها، فلا يتجاوز البحث تغيير الألفاظ مطلقا، فمن كلمة الاستعمار إلى الإلحاق، إلى الاندماج، الخ ... وآخر ما وصلت إليه عبقريتهم في