لقد قدمت الجزائر لفرنسا ملايين من أبنائها إلى ميادين القتال وإلى الصناعة والتموين، رجحت بهم كفة فرنسا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقد فعل الجزائريون ذلك أملا في الاعتراف بالجميل والمكافأة بالحرية والاستقلال، أو شيء منهما ولكن ويا للعار، لم يكن من الفرنسيين إلا الغدر واللؤم، فكان جزاء الجزائر منهم جزاء سنمار، فسلب الفرنسيون البقية الباقية من حرياتهم، ونهبوا أموالهم، وهتكوا أعراضهم، وأراقوا دماءهم، وخربوا ديارهم، ثم حرموا على الجزائريين حتى الشكوى، فالشاكي عندهم مشاغب وخائن للدولة، ويجب تأديبه وقهره وسجنه أو قتله، حتى طفح الكيل، فكانت الثورة، وكانت ثورة مقدسة يباركها الرجال والنساء، والصغار والكبار، والمعتدلون والمتطرفون، والآملون واليائسون وأعلنت هذه الثورة، سبب قيامها، وحددت مطالبها ولن تنتهي إلا بتحقيقها، أما السبب فهو اليأس المطلق من عدل فرنسا، وأما المطالب فهي الاستقلال ولا شيء غير الاستقلال.
ويسرني أن أورد هنا تصريحا خطيرا لمسيو موريس رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي، أدلى به عقب ظهور نتيجة الانتخابات، ونشرته أكثر صحف العالم، قالت تلك الصحف: وجه موريس توزير عميد الحزب الشيوعي، نداء إلى الشعب الفرنسي، أعلن فيه أن أول عمل سيقوم به النواب الشيوعيون هو النضال المستمر لسحب جميع القوات الفرنسية من شمال إفريقيا، والمعلوم أن هذه القوات يبلغ عددها في الجزائر وحدها زهاء ٢٥٠ ألف جندي، ومعنى سحبها هو الرضى بالاستقلال التام، وقد نجحت في الانتخابات إلى جانب الشيوعيين كثرة كبيرة ممن يميلون إلى حرية الجزائر، ومن هؤلاء فقط يمكن أن تتشكل حكومة جديدة يكتب لها البقاء، من أجل ذلك نحن نعتقد أن مصير الجزائر القريب جدا، هو الاستقلال التام، ثم الوحدة المغربية، ثم الجامعة العربية بإذن الله.