نسي صاحبي الرزين - من فرط غضبه - أن يحييني تحية الصباح، وسألني رأسا من غير مقدمات، وفي ألم شديد: ما هذه الأخبار المزعجة يا أستاذ؟ أما قرأت الصحف اليوم؟. لقد قرأت الآن في جرائد الصباح، بأن حكومة مراكش، بعد حكومة تونس، قد عينت وزيرا صهيونيا في مجلسها، وصدر المرسوم فعلا في ذلك. هل أصبحت حكومة تونس وحكومة مراكش صهيونيتين؟ هل من أجل هذه النهاية المزرية، كانت تلك الشعوب، تستعذب الموت، وتقاسي الحرمان؟ أم أنه صحت حقا، تلك الأسطورة القائلة، بأن كرسي الوزارة والحكم، يحمل في بطنه شيطانا، وأنه بمسخ الجالسين عليه، ولو كانوا من قبل ملائكة؟ ماذا جرى يا أستاذ؟ خبرني قبل أن أفقد صوابي.
[الوجود الصهيوني بالمغرب العربي]
قلت لصاحبي: لقد كدت تفقد صوابك فعلا، وإلا لما نسيت أولا: تحية الصباح، وهي مثل النسيم تفتح النفوس المغلقة، وإلا لما تسرعت ثانيا، في الحكم القاسي على حكومتين جديدتين، مهما يقل الناس فيهما، فإنهما وطنيتان لأول مرة، منذ حكم الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي، ويجب أن لا ننسى في الوقت نفسه، أنه ما ضاع الحق في تاريخ أعمال الناس، إلا في غمرة الغضب، وفي ركاب التسرع عند لحكم على الأشياء الكبيرة، وكان الأولى بك أن تحاكم قبل أن تحكم، وأن تستفهم قبل أن تفهم، فبذلك يستقيم لك المنطق، ثم عاد يسألني: كنا نسمع شيئا يسميه المستعمرون بالوجود الفرنسي في المغرب العربي، واليوم نسمع بوجود