في شمال إفريقيا أمة عربية، عرف التاريخ الصادق فضلها في توسيع دائرة العلوم وإصلاح نظم الاجتماع، والنهوض بجلائل الأعمال (أعني سكان تونس والجزائر ومراكش) وقد ابتليت هذه الأمة بالاحتلال الفرنسي منذ عشرات السنين، وبلغ هذا الاحتلال الغاشم في استعبادها والعبث، بحقوقها أقصى غاية وإن أبلغ الكتاب ليعجز عن وصفه لمن لم يشاهده وصفا يأخذه من أطرافه ويجعله أمامه بمنزلة المشاهد، ونحن على يقين من أن كل إنسان فيه بارقة من العطف على الإنسانية، متى أحس ما يفعله ذلك الاحتلال الجائر بعينه أو يسمعه، هاجت عاطفته واندفع يفكر في إسعافهم، وبذل المستطاع في مؤازرتهم.
وإذا عجزت الأقلام عن تصوير فظائع الاحتلال الفرنسي في شمال إفريقيا كما هو، فإن ذوي البطولة، والغيرة على حرية أقوامهم. مثل حضرات أعضاء الجامعة العربية يكفيهم في الاتجاه إلى إسعاد تلك الشعوب ومديد الإخاء إلى مؤازرتها علمهم بطبائع الاحتلال الفرنسي الذي يعد الشعوب المغلولة له كالأنعام لا يستحقون أن يكون لهم في أمرهم رأي ولا أن يكون لهم من خيرات أوطانهم إلا ما يستغنى عنه الفرنسيون والمتفرنسون.
ذاقت الحكومة الفرنسية مرار احتلال أعدائها لبلادها وأحست بنفسها مباشرة احتلال الأجنبي في نفوس الوطنيين من حسرات وما يجره عليهم من مهانات، واعتقد الناس أن