للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمعية العلماء الجزائريين (٢)

باعثة الأمة الجزائرية والمغرب العربي وهادمة الاستعمار

جريدة بيروت المساء ٢٨ - ٢ - ١٩٥٦ والمنار الدمشقية

كان أولئك العلماء الأحرار، أفرادا قلائل، يعدون على الأصابع، لا يجمعهم زمان ولا مكان ولا حزب ولا هيئة، ولا ناد من الأندية، فضلا عن برنامج مسطر معلوم. وإنما جمعتهم فكرة مشرقة، وعقيدة حارة، وآلام مشتركة، ذلك وحده هو الذي أقنع كل واحد منهم على انفراد، بوجوب السعي لإصلاح حال الأمة الجزائرية العريقة، لأن كل واحد منهم شعر شعورا عميقا، بالذي ساقه إليها الاستعمار من محن، وما أنزله عليها من ضربات، وما كان ينتويه لها من غدر وإفناء. ظهرت علائم تلك النية، وطلائعها واضحة، من ثنايا جميع تصرفاتهم المريبة، أفرادا ودولة، وكان هذا الوحش الضري الذي نسميه الاستعمار، يعتمد في افتراسه للأمة الجزائرية على سلاحين أساسيين، ما وجد على وجه الأرض حتى الآن أخبث منهما.

الأول: التجهيل. الثاني: التفقير.

فعبأ تحت رايهما، كل ما كان يملك من قوة مادية وأدبيه، وكانت جميع أجهزة الدولة، من جيش وبوليس، وإدارة وقضاة، من ضمن أسلحتهما، ولم يكن عيسى عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، ورسول الإنسانية، بعيدا عن هذه المعركة الفاجرة التي يبرؤ منها، وتبرؤ منها تعاليمه السمحة الخالدة، فلقد حشد الاستعمار جيشا عرمرما ممن يسميهم المبشرين، وما كانوا من التبشير بتعاليم المسيح البرئ إلا كما يكون الذئب مع الغنم. ولقد ساعد الاستعمار على النجاح في مهمته الإجرامية، ما

<<  <   >  >>