الحال يومئذ، لا تدل على إمكان استجابة هذا الدعاء، ولكن الله كان أكبر من الطغاة، وأعظم من المستعمرين، فاستجاب دعائي ودعاء الكثيرين مثلي، فنجاه من كيد المجرمين، وأراد الله أن يزيد في إكرامنا، فجعل بيروت شاطئ نجاته وسلامته.
[الورتلاني في بيروت]
كان الاتفاق بين الحكومه اللبنانية وبين الورتلاني، أن يكون التجاؤه مكتوما غير رسمي، تجنبا لمشاكل الطغاة والمستعمرين، ومقتضى هذا الشرط، أن يظل وجود الورتلاني في لبنان، مجهولا لا يعرفه إلا الحكام، ولكن أخي استطاع أن يعرف وصول الورتلاني من أيامه الأولى، واستأذن من رئيس الحكومة المرحوم رياض بك الصلح، في الاتصال به فلم يمانع، وأخي من عادته معي، أن لا يكتم عني شيئا من الأمور الكبيرة والصغيرة، فلم ينفرد بهذا النبأ السار إلا بضع ساعات، حتى هرول يحمله إلي، كبشرى وهدية كريمة، لما يعلمه من فرحي بمثل ذلك، فحمدت الله وشكرته، وطلبت من أخي أن يعمل المستحيل ليجمعني بهذا الرجل، الذي أحببته في الغيب، ولم أكن قد رأيته بعد. ولم يمض إلا أيام قلائل، حتى جاء يخبرني بأن الورتلاني، سيحضر الليلة عندك في البيت، على شرط أن لا يكون معنا غريب. وحضر الورتلاني، وشعرت من أول ساعة، بأنني كنت أعرفه من سنين طوال، وكانت الليلة ليلة قدر، وكانت خيرا من ألف شهر، تمت فيها الصداقة والأخوة والأستاذية، تم كل ذلك في ساعات، وما يزال ينمو بمرور الزمن، حتى يومنا هذا والحمد لله.
[الصحبة]
ابتدأت الصحبة من تلك الليلة المباركة، وشاءت الظروف أن تجعلها دائمة مثمرة، لأن أوضاع الورتلاني السياسية لا تسمح له يومئذ بنشاط ظاهري صريح، فضلا عن التنقلات والأسفار، ولعله من جهة أخرى، وجد في شخصي الضعيف