إن أملي في همتك، وحسن ظني في إخواني الوزراء، وتقديري لديمقراطية جلالة السلطان الحقة، ومشاركتنا بحمد الله، في بناء هذه الأمة، وفي هدم الاستعمار، منذ نعومة الأظفار، ثم دقة الموقف، وخطورته، لأنه يتعلق بمصير ثلاثين مليونا من الحاضرين، وبمئات الملايين من الأجيال الغائبين، كل ذلك يسمح لي، ويفرض علي في آن واحد، أن أضع بين يدي دولتكم، وبين يدي إخواني الوزراء، هؤلاء الذين أرجو، أن يطلعوا جميعا على هذا الكتاب، الملاحظات الآتية:
[احذروا غدر الاستعمار]
أولا: يجب في نظري، أن تحسبوا لغدر الاستعمار، كل حساب استنادا إلى طباعه المشهورة، وإنه لمن الجائز جدا، أن تجدوا أنفسكم في يوم من الأيام، أو في ليلة من الليالي ومن غير سابق إنذار، بين يدي البوليس الاستعماري، وقد يضع الحديد في أيديكم وأرجلكم، وأنتم وزراء الأمة، وتقودكم في الظلام أو في النور، إلى السجن أو المعتقل، كما يقاد القتلة والمجرمون العاديون، وله في ذلك سوابق، سارت بذكرها الركبان، وليست قصة حكومة لبنان، ورئيس جمهوريتها، وقصف مجلس نواب سوريا بالمدافع والقنابل، بالأحداث البعيدة، التي يجوز نسيانها، وعليه فمن الحزم والحكمة، ألا تدعو حياة الكرسي الوثير والمنصب الفخم، لتؤثر على طباعكم بحال، إذا ما نزل ما نزل، من عظماء الرجال، إلا من طريق اعتياد الرفاهية والفخامة، أعانكم الله منها.
ثانيا: يجب أن تحترسوا من أساليب الاستعمار الملتوية، وألاعيبه المعهودة، وأنه لا ليبني نية غدره دائمة، على التطويل في المفاوضات، والتسكين، والتخدير بالوعود المعسولة، حتى يكسب الوقت، ويختار الظرف المناسب، لضربته الغادرة، وأنتم بحمد الله أدرى الناس، بأن الاستعمار لا عهد له، وأن لا شرف في كلماته.