واحدة، وإنما تكمل بالتدريج، والذي وصل إليه الشعب الجزائري من هذا، هو نتيجة نيف وعشرين سنة، في أعمال جدية متواصلة، ولكنه لا يتم عادة في أقل من خمسين سنة.
[أعمال جمعية العلماء في التعليم العربي للصغار]
أولا: زادت الجمعية على هذا العمل العام آخر خاصا، وهو العمل على تخريج جيل جديد، يتلقى هذه المعاني في الصغر، ويثبتها بالعلم الصحيح، لتحارب الاستعمار بسلاح من نوع سلاحه وهو العلم، فأسست في هذين العقدين من السنين نحو مائة وخمسين من المدارس الابتدائية للعربية والدين، وشيدتها بمال الأمة، وصيرتها ملكا للأمة، وهي تضم اليوم ما يقرب من خمسين ألف تلميذ، من حملة الشهادات الابتدائية من مدارس الجمعية.
ثانيا: بما أن المساجد التي هي تراث الأجداد، صادرتها الحكومة الفرنسية وصادرت أوقافها من يوم الاحتلال، فأحالت بعضها كنائس، وبعضها مرافق عامة، وهدمت كثيرا منها لتوسع الشوارع والحدائق، واحتفظت بالباقي لتتخذ منه حبالة تجر أشباه الموظفين الدينيين، وما زالت إلى الآن، هي التي تعين الأئمة والخطباء والمؤذنين والقومية، ولكنها تستخدمهم في الجاسوسية والمخابرات، وشيدت بمال الأمة نحو سبعين مسجدا في أنحاء القطر، لأداء الشعائر وإلقاء الدروس الدينية، والحكومة الفرنسية تنظر إلى هذه المساجد نظرتها إلى الحصون المسلحة.
ثالثا: في الجزائر مئات الآلاف من الشبان العرب المسلمين، فاتهم التعليم الديني والعربي، ولا تلقاهم الجمعية في المدارس ولا في المساجد، والاعتناء بهم واجب، فأنشأت لهم الجمعية عشرات من النوادي المنظمة الجذابة، تلقي عليهم فيها المحاضرات العلمية والدينية والاجتماعية، وأدت هذه النوادي أكثر مما تؤديه المدارس والمساجد من التربية والتوجيه.