للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكم أيها المجاهدون في ليبيا

أخت الجزائر أسوة حسنة

قضى الشاطئ الصامت ليلته يتوجس، وطلع الصبح عليه، كما كان دائما من قرون، لجة زرقاء تداعب الرمل الأصفر اللانهائي، إلا عيون قلقة رابضة فوق الكثبان ترقب أشباحا ضخمة سوداء، تتراءى على الأفق حينا وتختفي ...

في ذلك الوقت من سبتمبر ١٩١١ تنتهي المدة التي حددتها إيطاليا في إنذارها الذي وجهته الدولة العلية في القسطنطينية. والباب العالي صامت لا يرد، حقا أن الأزمات تنتابه وأنه ليترنح، ولكن لا أحد يجرؤ على القول بالتفريط في ليبيا.

وما كان أشبه إيطاليا في ذلك الوقت بالطفل الأحمق، الذي يضج ويصرخ ويضرب الأرض بقدميه، حين يريد شيئا، فهي تملأ الدنيا كلاما عن مطالبها المشروعة في ليبيا، وتلجأ في ذلك إلى الطرق المسرحية التي لا تتقن غيرها، كأن تكون فرقة من الجنود تسميها الفرقة الطرابلسية، تلبس جنودها السراويل الواسعة والطراطير الضخمة، ويسير الجند في ملابسهم الكرنفالية في شوارع روما، بين هتاف الجماهير، وتترى على الباب العالي أنباء الاستعداد الضخم للحرب في إيطاليا، فترتعد فرائصه، دون أن يحير جوابا.

واعتقد الجبان أنه خلا بأرض ...

ومن نهار آخر على الشاطئ الصامت، والعيون القلقة تترقب، والأشباح الضخمة السوداء تظهر وتختفي.

وأوشكت الشمس أن تغرب، وإذا بهذه الأشباح السوداء تقترب وتنجلي من بوارج ضخمة شاكية السلاح، وبغير مقدمات يهتز الشاطئ هزات

<<  <   >  >>