إنما الصالح يبقى صالحا ... آخر الدهر ويبقى الشر شرا
كسروا الأقلام: هل تكسيرها ... يمنع الأيدي أن تنقش صخرا
قطعوا الأيدي: هل تقطيعها ... يمنع الأعين أن تنظر شذرا
اطفئوا الأعين: هل إطفائها ... يمنع الأنفس أن تصعد زفرا
أخمدوا الأنفاس: هذا جهدكم ... وبه مناجاتنا منكم ... فشكرا
خليل مطران
[الوجود الفرنسي واليهودي بالمغرب العربي]
جريدة بيروت المساء عدد ١٨٥٩ والمنار الدمشقية
إن الفرنسيين لا يقصدون بوجودهم في المغرب العربي، مجرد بقائهم فيها، ولو مع ضمانة كافية لحياتهم وأعراضهم وأموالهم، ولحريتهم الدينية والدنيوية، في أوسع نطاق، ذلك أمر لم ينازعهم فيه أحد حتى الآن، ولكنهم إنما يقصدون بالوجود الفرنسي، أن تبقى الجالية المتفرنسة الأوروبية، الطارئة على البلاد هي المتحكمة في الأهالي أصحاب البلاد الأصليين، تحكم السادة في العبيد، وأن يظل السلطان كاملا بأيديهم، لا يشاركهم فيه أهل البلاد إلا صوريا، ولا ضمان في نظرهم لبقاء ذلك الوجود: إلا بأن يبقى الأهالي فقراء وهم أغنياء، وأن يبقى الأهالي جهلاء وهم العلماء وهلم جرا ... ولا سبيل بالتالي إلى استمرار هذه القسمة، إلا على طريقة تلك العبودية، وتحت حكم الغاب وقوانينه، هذا ما يعنيه بالضبط غلاة الوجود الفرنسي في المغرب العربي عامة، وفي الجزائر بصفة خاصة، وقد أنفقوا من أجله الملايين من الفرنكات، كانوا يشترون بها ذمم النواب والوزراء