لرجولة شامخة تتحطم على صخرتها رؤوس المكائد والأغراض السافلة، والمؤامرات الاستعمارية المدبرة، والسبب في ذلك واضح معقول: إذ شخصية الورتلاني أصبحت قلعة من قلاع الإسلام الضخمة، التي تتحدى العوادي، وتشهد الدنيا على متانة ذلك البناء، القائم على أساس الدعوة، تلك الدعوة التي تنهزم أبدا أمام أية قوة في الدنيا. وإنما المنهزم دوما هو الضعيف البشري، الذي لم يلقح بالعقيدة، ولم يطعم بالغذاء المقوى الذي تقدمه رسالات السماء، للنفوس المناضلة عن الحق، في جميع بقاع الأرض ...
[ما لم يتحقق اليوم من آمال سيتحقق غدا]
تلك النفس المطعمة بهذا الغذاء، تشعر أن هموم كل شعب مضطهد، إنما هي همومها، وأن آمال المظلومين المغصوبي الحق، من عباد الله جميعا، إنما هي آمالها، وأن آلام كل المعذبين بحكم الاستعمار، إنما هي آلامها، فتتحدى بوحي هذا الشعور للنضال الدائم، بكل ما تملك من وسائل عن الحقوق المسلوبة، واستصراخ الضمائر الإنسانية، أينما وجدت في دنيا الإنسان، حتى تتحرك لنجدة المظلوم، والضرب على يد الظالم. ثم هي لا تفتر لها عزيمة، إذا ما ذاقت ألوان المرارة، وتجرعت صنوف العذاب في هذا السبيل، أو تعرضت لحشود شوكتها! وثقلت وطأتها. وهي بوحي إيمانها بالحق الذي تناضل عنه، موقنة بأن ما لم يتحقق اليوم من آمال، سيتحقق غدا وأن الأمور مرهونة بأوقاتها، ولكل شيء أجل، إذا جاء لا يستأخر ساعة، ولا يستقدمها. وهذا المدد العظيم الذي لا ينفذ أبدا، يمنع تلك النفس من أن تزيغ، ويحصنها ضد الزوابع، ويمنحها المناعة الكافية، ضد الأوبئة، والشجاعة الوافية لاتخاذ المواقف البطولية الجريئة حينما يخذلها الرعاديد من الناس، وتتكتل عليها الأحداث المتجهمة، والأيام العابسة. وأن النفس التي لا تمتلك هذه الطاقة، سرعان ما تذوب شخصيتها المصطنعة، وتتبخر في الهواء إذا سلطت عليها الحوادث نيرانها.