يرجع الفضل الأكبر في تسطير تاريخ جديد للجزائر بإحياء الدين، وما يتبعه من لغة وتاريخ وآداب - إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست رسميا سنة ١٩٣١ فقد استطاعت بفضل الله وعونه، أن تقضى على فكرة الاندماج، وغيرها من مقاصد الاستعمار، وأن تضع أساسا متينا للثقافة الإسلامية والعربية في تلك الديار المعزولة، رغم استماتة الفرنسيين في محاربتها، واستطاعت بجهودها الخاصة أن تعمل الأعمال العظيمة الآتي بيانها:
[مبدأ جمعية العلماء وغاياتها]
مبدأ جمعية العلماء، يرمي إلى غاية جليلة، فالمبدأ هو العلم، والغاية هي تحرير الشعب الجزائري، والتحرير في نظرها قسمان، تحرير العقول والأرواح، وتحرير الأبدان والأوطان، والأول أصل للثاني، فإذا لم تتحرر العقول والأرواح، من الأوهام في الدين، وفي الدنيا، وفي الحياة، كان تحرير الأبدان من العبودية والأوطان، من الاحتلال متعذرا أو متعسرا، حتى إذا تم منه شيء اليوم، ضاع غدا، لأنه بناء على غير أساس، والمتوهم ليس له أمل، فلا يرجى منه عمل.
لذلك بدأت جمعية العلماء - من أول يوم نشأتها - بتحرير العقول والأرواح، تمهيدا للتحرير النهائي، فوضعت برنامجا محكما، لوعظ الكبار وإرشادهم بالدروس والمحاضرات، حتى بلغت من ذلك أقصى غاية من الجهد، وأقصى غاية في النتائج، وأصبح الشعب - في جملته - صافي الفكر، مستقل العقل متوهج الشعور، مشرق الروح، فاهما للحياة، واسع الأمل فيها، عاملا للحرية والاستقلال، مؤمنا بماضيه، عاملا على ربط الحاضر، ووصله بالوطن العربي الأكبر، متبصرا في وزن رجاله، لا ينطلي عليه غش الغشاشين، ولا تدجيل الدجالين، ومعلوم أن هذه المعاني لا تدخل النفوس دفعة