الوطن، وقام إصلاحات زراعية وصحية، وسعى لتقدم الصناعات الأهلية، وتوسيع دائرة التجارة الوطنية، كما نظم مناهج التعليم بجامع الزيتونة، قرين الجامع الأزهر، وأنشأ بجانبه المكتبة الصادقية، والمدرسة الصادقية، لدراسة العلوم العصرية، واللغات الأجنبية، وأطلق على الحكومة اسم الدولة، وأعطى لنفسه لقب الملك ...
يرى الناظر من هذه الشذرات، أن تونس أخذت منذ عهد المشير، أحمد باشا باي، تسير سير الأمم المتيقظة، وأنها قطعت في إصلاح شؤونها السياسية، والعسكرية، والعمرانية، شوطا يشهد بأنها تستطيع القيام بواجبات استقلالها بنفسها، وأنها ليست في حاجة إلى ما يسمونه حماية.
[كيف وقع الاحتلال الفرنسي؟ ..]
بعد أن تم لفرنسا، احتلال بلاد الجزائر واغتصاب استقلالها، اتجه نظرها إلى احتلال تونس، فادعت أن بعض العربان التونسيين، الذين يقيمون بالقرب من حدود الجزائر، يعتدون على بعض جيرانهم من الجزائريين، واتخذت هذه الدعوة وسيلة لاحتلال المملكة بأسرها، وجلبت على تونس بخيلها ورجالها، من ناحية الجزائر، وبنزرت إلى أن وصل جندها إلى العاصمة، وأحاط بقصر الملك، وفي هذه الحال، قدمت إليه معاهدة ليضع إمضاءه عليها. فتوقف الباي، وطلب من نائبي فرنسا - قنصلها وقائد عسكرها - أن يمهلاه مدة ليتأمل فيما تضمنته المعاهدة، من الشروط فأتاحا له ذلك، فجمع رجال مجلس الشورى، وكان ممن عارض في إمضاء المعاهدة، السيد العربي زروق، ورئيس البلدية قائلا: إن ما تخشاه من عدم الإمضاء، سيقع لا محالة، فالتمسك بعدم الإمضاء، أشرف وأسلم. ولكن الباي، رأى نفسه مضطرا إلى توقيع المعاهدة، فوقعها وهي في عشرة بنود تذهب باستقلال البلاد وحريتها، وتقضي باحتلالها ..