والسابقة الثانية: هي أن الإتفاقية التونسية الفرنسية، تجعل للفرنسيين الدخلاء حقوقا مشروعة، وتكاد تكون أبدية، وذلك في مقابل إصلاحات طفيفة، في شكل الحكم هي بنظري في غاية التفاهة، بينما كان الوجود الفرنسي قبل الإتفاقية إنما هو وجود استعماري ظالم غير مشروع. والتالي فهو طبعا غير مؤيد، لأن الأبدية إنما هي لله الواحد القهار .. والسابقة الثالثة: هي قبول وزير يهودي في أول حكومة وطنية عرفتها تونس بعد الاحتلال الفرنسي.
[اليهود في تونس]
ويجب أن يعلم القراء، أن اليهود في تونس، لا يتجاوز عددهم خمسين ألفا وبعضهم يحمل الجنسية الفرنسية بينما سكان تونس العرب يزيدون على أربعة ملايين، ثم أن هذا اليهودي الغني الخطير، لا يشك عاقل في صهيونيته، ومعنى ذلك فإن إسرائيل غير المزعومة، أصبحت ممثلة في حكومة تونس العربية الحرة. ويجب أن يعلم القراء في الوقت نفسه، أن اليهود المواطنين في جميع أقطار المغرب العربي، وعدد سكانه ثلاثون مليونا لا يتجاوز عددهم مائة وخمسين ألفا، ويلاحظ أن السبعين ألف يهودي في الجزائر، ليسوا مواطنين جزائريين، لأن جنسيتهم فرنسية منذ ١٨٧١ بموجب قانون "كريميو" اليهودي المشهور، وليس معنى هذا أن الجزائر تنوي أن تحرمهم الجنسية الجزائرية إذا تم استقلالها، بل ذلك أمر آخر غير وارد هنا، هذا رأيي إجمالا في الإتفاقية التونسية الفرنسية، ويجب في رأيي أن يعاد النظر فيها على أسس ثورة المغرب العربي العامة، وذلك في نظري لمصلحة الطرفين معا إذا حضر عقل المسؤولين الفرنسيين وبعد نظرهم، ثم غابت الأنانية وشهوة المستعمرين. من الفئة الإستغلالية الضئيلة.
[ومراكش]
أما مراكش فإن الأسلوب المتبع معها حتى الآن في نظري أضعف من الذي اتبع مع تونس، لأنه قائم كله على تفريق ومغالطة، وعلى مساومة تحمل ظواهرها سوء