أما الإدماج في لغة الفرنسيين، فهو شيء غير ذلك تماما. وتوضيحه أن إدماج الجزائر مثلا، قد حصل في نظرهم فعلا، وهو قديم قد مضى عليه عشرات السنين. ومع ذلك .. هل تحقق شيء من معاني الإندماج أو من الصفات التي توفرت في الطبخة كما ضربنا المثل بها.
كلا لم يتحقق شيء منه على الإطلاق. ذلك بأن عناصر "الطبخة" وموادها في إدماج الجزائر ما زالت منفصلة محتفظة بمزاياها الفردية. ولم تتحقق عناصر المساواة الحقيقية التي يجب أن تتوفر حتى في صنع "الطعام" .. أما الذي حصل بالفعل، والذي يشهد به الواقع حتى اليوم، هو أن الجزائريين إنما يعيشون مع الفرنسيين، كما يعيش العبيد مع السادة .. فالغنم كله للفرنسيين والمتفرنسين، والعزم كله على الجزائريين المنكوبين. ولو أن المقام مقام تفصيل لسردت مئات الأمثلة على ذلك. إلا أنني أقدم نموذجا يصح القياس عليه دون الحصر. فمن مظاهر هذا الإندماج الجزائري الفرنسي المزعوم، الفروق الآتية:
[دلائل الإندماج المزعوم]
يجوز للفرنسي، بل من حقه الطبيعي أن يتمتع بجميع وظائف الدولة، الإدارية، والقضائية والعسكرية.
فيجوز له مثلا أن يكون رئيس جمهورية، أو رئيس حكومة، أو أن يكون وزيرا، وقائدا للجيش وما إلى ذلك: أما الجزائري "المندمج" فإن القانون الفرنسي "الإندماجي" لا يتيح له أن يتمتع بما فوق وظيفة مختار. أي لا يجوز له أن يكون "قائم مقام" ولا معاونا له، ولا يجوز له أن يكون قاضيا في محكمة أهليه، ولا نائبا للقاضي: ولا يجوز له كذلك أن يكون رئيس قسم بوليس، ولا معاونا له. ولا يجوز أن يرقى في الجيش إلى رتبة أعلى من رئيس كما لا يجوز أن يكون رئيس بلدية، أو نائبا أول.