للضياع. ومما ساعد على تقوية الأمل في نفوس الكثيرين، الشجاعة التي واجه بها مانديس فرانس مشكلة الهند الصينية التي عجزت الحكومات الفرنسية السابقة عن حلها حلا نهائيا، بما كانت تبدو عليه من الجمود والتصلب والمراوغة وعدم الجرأة على مواجهة هذه المشكلة التي لم تكن في بادئ الأمر إلا كمشكلة المغرب العربي الآن - شعوب محكومة تطالب بحريتها واستقلالها ودولة حاكمة تريد أن تبقى ناصبة سلطاتها على تلك الشعوب إلى الأبد.
وتفرغ مانديس فرانس - بعد الانتهاء من قضية الهند الصينية - لمشاكل أخرى وفي مقدمتها مشكلة تونس ومراكش - فقام برحلته الخاطفة إلى عاصمة القطر التونسي حيث أعلن أمام الباي أن فرنسا ستمنح - لتونس استقلالها الداخلي، ورضيت بعض الهيئات الوطنية بهذا الحل، الذي اعتبرته خطوة نحو الاستقلال التام، وماذا فعلته حكومة مانديس فرانس بالنسبة لمراكش؟ لقد أعلن رئيس الحكومة ووزير الشؤون التونسية والمغربية أثناء مناقشة القضية المغربية في الجمعية الوطنية الفرنسية عن سياسة الحكومة الحالية تجاه المغرب، وهي سياسة لا تختلف كثيرا عن سياسة الحكومات السابقة وهي لا ترمي إلى شيء آخر سوى إبقاء الأوضاع على ما هي عليه في المغرب.
إن هنالك أيادي خفية قوية تقبض على زمام الأمور في شمال إفريقيا وتفرض على الحكومة وعلى ممثليها في تونس ومراكش والجزائر السياسة التي تريد أن تتبعها؟ فما هو سر الأيادي الخفية القوية؟
[من هو فرانسوا شارل رو؟]
توجد في فرنسا فئة من أقطاب الرأسمال الاستعماري، تعمل بجميع الوسائل للمحافظة على الوجود الفرنسي في شمال إفريقيا، وإحباط كل حركة تهدف إلى الاعتراف بالمطامح الوطنية لشعوب الشمال الإفريقي أو تغيير الأوضاع فيها، وذلك محافظة على مصالح هذه الفئة المتشعبة التي تستغل بأموالها وشركاتها هذه البلاد أفظع استغلال.