والحكام الفرنسيين في كل مرة يجد فيها الجد، ليحملوهم على أحباط الحق، والابتعاد عن مصلحة فرنسا الحقيقية. وفي سبيل شهوات أولئك المستعمرين.
أما رأيي في هذا الوجود المتعفن فهو رأي الطبيب في وجود الوباء في منزله، ثم لا شك أن الخصومة بيننا وبين هذا الوجود، إنما هي قائمة على تنازع البقاء، لأن معناه الاستعباد، بمعانيه العتيقة، والموت الشريف عندنا بلا أدنى تردد هو أفضل من حياة الاستعباد.
أما الوجود اليهودي، فإننا لم نكن نسمع به كمشكلة، في بلادنا حتى تألفت حكومة تونس، ثم حكومة مراكش، وخصص في كل منهما وزيرا لليهود، والذي يحسن أن يعرفه الناس بهذه المناسبة، أن جملة عدد اليهود في المغرب العربي لا يتجاوز مئة وخمسين ألفا، يعيشون ضمن ثلاثين مليونا من العرب، وقد يكون هذا العدد، موزعا بين تونس والجزائر ومراكش بنسب متساوية أو متقاربة جدا، على أن يهود الجزائر لا يعدون مواطنين جزائريين، لأنهم قد تجنسوا في عام ٨٧٠اجملة واحدة بالجنسية الفرنسية، وذلك بقانون وضعه أخ لهم كان يومئذ وزيرا في حكومة الدفاع الوطني، اسمه كريميو، ولا يزال القانون يحمل اسمه حتى الآن.
[يقتضينا ثلاثة أمور]
واليهود كما يعرفهم أهل الدنيا جميعا، لا جنسية لهم في الحقيقة إلا اليهودية والمصلحة، وعندما وجدت في العالم دولة دينية باسم نبيهم إسرائيل، وقبلها الملحدون قبل المؤمنين، أصبح اليهود بعدها في جميع بقاع الأرض إلا ما قل وندر، إسرائيليين صهيونيين فقط، وما زاد عندهم بعد ذلك من الصفات، فإنما هو أداة لخدمة الصهيونية والمصلحة ولا شيء غيرهما، لذلك تجدني منكرا أشد
الإنكار لإشراك اليهود في أي عمل حكومي، له أهمية بالبلاد العربية جميعا، فضلا عن اشتراكهم في الحكومات نفسها، ولا يجوز أن نثق بيهودي، فيما له علاقة بالصهيونية ولو كان أحد الأسباط، من أحفاد سيدنا يعقوب عليه السلام،