تم حاولوا من الناحية القومية أن يشككوا الجزائريين في عروبتهم، فزعموا لهم أحيانا، أنهم من بقايا الرومان العظام، وأحيانا أخرى يزعمون لهم أنهم من أصل البربر، الذين ضرب المثل بشجاعتهم وأصالتهم، والذين من أسلافهم هانيبال وأضرابه، وأنهم أرباب البلاد الأصليين، أما العرب الهمج أبناء الصحراء، رعاة البقر والغنم، وأحلاس الإبل، فإنهم أغراب طارؤون، إلى غير ذلك من ألوان السحر الذي يفرق بين المرء وزوجه، وظلوا يمارسون هذا السحر غير الحلال، مع الأمة الجزائرية العربية، طيلة قرن وبعض القرن، وتعاونت معهم كل فئاتهم من إدارة وبوليس، وجيش ومبشرين ومال، ثقافة، على إحراز نصر في هذا الميدان، ولو كان قليلا، فما فلحوا، فظل الجزائري عربيا يعتز بعروبته، - علم الله - أكثر من سكان الحجاز أنفهم، وصار يغار عليها أكثر من سواه، لأنه قد حورب فيها، فاجتمع عنده عامل الغيرة عليها، مع عامل العناد في الدفاع عنها، كجزء من كرامته.
[موقفهم من الإسلام]
هذه إشارة عابرة إلى موقف الاستعمار الفرنسي، من العروبة في الجزائر، لأن التفاصيل لا تتسع لها المجلدات، وأما موقفهم من الإسلام، فكان أبشع من ذلك بكثير .. كانوا يرون أن الإسلام، هو العقبة الكؤود، في طريق برنامجهم الوحشي الخبيث، وهو العمل على مسخ الأمة الجزائرية وإفنائها، أو إدماجها في الأمة الفرنسية، وكانوا يرون أن اللغة العربية والقومية العربية، لا يمكن التأثير عليهما، ما دام سلطان الإسلام على النفوس، ونفوذ تعاليمه على المجتمع قائما مسيطرا، لأن الجزائري، يرى اللغة العربية في لغة الإسلام، التي لا يفهم الدين فهما سليما إلا