السنين أي قبل أن توجد فرنسا بوضعها الحالي. وأن الجزائر تقع في قارة، وفرنسا تقع في قارة أخرى، يفصل بينهما بحر عظيم اسمه البحر الأبيض المتوسط ...
وأن الجزائر أمة شريقية، عربية مسلمة من قبل ومن بعد، وليست فرنسا في شيء من ذلك كله .. وإن فرنسا ظالمة بكل ما في الظلم وأن الجزائر مظلومة بكل ما في الظلم من معنى، ولا يزال قانون الظالم مع المظلوم، هو وحده السائد في ربوعها.
وإذن .. ؟ فما معنى هذا الإلحاح الفرنسي بأن الجزائر فرنسية، وأن الجزائريين فرنسيون؟ أن معنى ذلك في المنطق الإستعماري الفرنسي وقصده أن هذه الأرض الجزائرية قد غزاها آباؤهم وأجدادهم، فتغلبوا عليها. وعلى هذا وجب أن تكون ملكا لهم، كما ضيعتك أنت ملكا لك أو كما يكون بستان زيد أو دار عمر ملكا لهما .. غير أن هناك فرقا واحدا هو أن البشر الموجودين في ضيعتك ليسوا ملكا لك، أما البشر الموجودون في "ضيعة" الجزائر فإنهم ملك للفرنسيين الغزاة لأنهم تابعون للضيعة، كتبعية: بقرك، وغنمك، وحميرك وما أشبه ذلك ..
[ماذا يقصد الفرنسيون بالإندماج]
س - ماذا يعني المسؤولون الفرنسيون بالإندماج الجزائري الذي كثر اللغط حوله في هذه الأيام، والذي يبدو أنهم مصرون على تحقيقه؟
ج - إن الإدماج، أو الإندماج في لغة الناس هو أن يختلط شيء بشيء آخر، أو بأشياء كثيرة أخرى حتى تذوب كلها أو يذوب بعضها في بعض، ثم تصبح بعد ذلك شيئا واحدا جديدا، له حكم واحد. وقيمة واحدة، واعتبار واحد. وحتى إذا كانت المدموجات مما يقوم بالنقود، فلا يكون لها إلا سعر واحد. ومثال ذلك بالبساطة، حال الطبخة التي تصنع من مواد مختلفة فإنها بعد الإندماج، إنما تصير آكلة واحدة ذات قيمة واحدة، وقس على ذلك.