أما فائدة نوابنا في برلمان باريس، فلو فرضنا المستحيل، وقدرنا أنهم جميعا من الأحرار، فإن فائدتهم لا تتجاوز الدعاية، وتبليغ آلام الجزائر وشكواها، إلى الرأي العام الفرنسي والعالمي، وإلا فما قيمة (١٣) نائبا إلى جنب (٦٢٠) من الفرنسيين، والقول الفصل في التشريع كما هو معلوم إنما هو للأكثرية دائما، ولو كانت بصوت واحد، وأما رأيي في اشتراك الجزائريين هذه المرة بالذات، في الانتخابات البرلمانية، فيجب أن يكون تابعا لمصلحة الثورة فقط، فإن رأي المسؤولون فيها، أن يتخذوا هذه المناسبة، فرصة لاستفتاء الأمة، على مقدار رضاها بالثورة ومبادئها كان ذلك خيرا على شرط أن ترشح الثورة نفسها، قائمة واحدة، ولا أظن أنه يوجد في الجزائر بعد ذلك سافل واحد يجرؤ على الوقوف في وجه هذه القائمة المقدسة، وعند نجاحها، وهو مضمون في نظري حتما، يقوم ذلك النجاح مقام الاستفتاء الرسمي للأمة الجزائرية في تقرير مصيرها ويقوم في الوقت نفسه، مقام الدليل القاطع، على أن الأمة لا تريد إلا مبادئ الثورة، وهي الاستقلال والوحدة المغربية، وأقل ما تفيده هذه النتيجة هو قطع طريق المراوغة على حكومة فرنسا، أمام شعبها المضلل، وأمام المحافل الدولية الطويلة البال.
أما إذا رأت الثورة أن في هذه العملية تضييعا للوقت، أو إفسادا لبعض الخطط المرسومة، أو أن ذلك يدل من قريب أو بعيد، على الرضا في الارتباط بفرنسا. فيجب أن يكون القول قولها. ويجب أن يقاطع الجزائريون هذه الانتخابات بالإجماع، ومن شذ شذ في النار.
أما الانتخابات الحقة، التي ندعوا إليها نحن بإلحاح، وقامت من أجلها الثورة، وستظل قائمة حتى تتحقق، فهي انتخابات جزائرية محضة، لا شأن لفرنسا فيها