والأمر الثاني الذي يهمني يا سيدي، فيما نشرته جريدتكم، هو ما يتعلق بالمجاهد الإسلامي الكبير الأستاذ الفضيل الورتلاني فلقد كان ما نشرته صحيفتكم من أخباره السارة، ونصائحه الغالية، التي كان يسديها لملككم الراحل، رحمه الله - وما كانت تحمله عباراتكم من معاني وفاء أهل اليمن لفضله وإخلاصه، كل ذلك كان بردا وسلاما على قلوب ثلاثين مليونا من أبناء المغرب العربي. لأن الرجل، كان دائما ولا يزال، مفخرة هذه البلاد في علمه الواسع، وحنكته وتجاربه العميقة، كل ذلك يوجه عمل مستمر لا ملل فيه، وإخلاص لا تشوبه شائبة، وتضحية هي مضرب الأمثال.
فلقد كان يملأ اعظم الفراغ في هذه البلاد، في جميع الميادين العلمية والتربوية والسياسية، حتى ضاق الاستعمار به زرعا، ونصب له عشرات المكائد للإيقاع بحريته أو حياته، وظل يكافح ويبطل، بفضل إخلاصه وحكمته، كل مكائد الاستعمار، حتى أوشكت الحرب الماضية أن تندلع، وصار قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في شباك هلاكهم، فسلمه الله وسلك به طريقا إلى ذلكم الشرق العزيز، فكان من جهاده هناك، للعروبة والإسلام، ما تعرفونه أنتم أكثر منا، حتى إذا وقعت حوادث اليمن، وجدها المستعمرون المتربصون فرصة لأذيته، فسخروا وكالات الأنباء، والإذاعات الرسمية، والصحف المأجورة، في سبيل النيل من سمعته، ولكن كان مثله كمثل الشمس في كبد السماء، يرجمها جمع من الأطفال بطائفة من الحجارة، وما هم بواصلين إليها.
ولقد كان للزعيم الورتالاني، أعظم جهاد في هذه البلاد الأوروبية وفي هذه