استبشرت الأمة الجزائرية قاطبة، باستقلال القطر المراكشي الشقيق، ولولا الأحداث التي تعانيها اليوم، والمآسي التي تمثل على صعيد الجزائر، كامتلاء المعتقلات والمحتشدات بالرجال المطالبين بالحرية، وزجرهم وردعهم، وسوق فريق عظيم منهم للمحاكمات، وإذاقة بنيهم لباس الجوع والخوف، لكان لزاما على الأمة الجزائرية، أن تتخذ يوم استقلال مراكش، يوم عيد ويوم عرس، لأنه يؤذن بأن استقلالها آت لا ريب فيه، وإن طال الليل، فإن تباشير الصباح تبدو في الأفق للناظرين.
بيد أن الأعراس لا تقام حيث يسمع أنين الجرحى، وحشرجة المرضى، وترى أشلاء الموتى، صباح مساء، وصواعق الظلم والطغيان، تنصب على العزل من كل سلاح، إلا من سلاح الإيمان.
ورغم كل هذا، فالأمة الجزائرية لا تنسيها آلامها، آمالها في تحرير القطر المراكشي الشقيق، فهي ترى في تحريره تحرير جزء من وطنها، وهيهات أن ينعم باستقلاله أو يتم له ذلك، والجزائر تئن بجانبه، أو يأمن على مصيره من كيد الاستعمار، ولا يتصور أحد أيا كان أن يسعد أخ، وأخوه يعاني الشقاء والبلاء، وتنتهك حرماته وتداس كرامته.
وإذا كانت تونس الشقيقة أخذت تسترد استقلالها، والجزائر بينها وبين مراكش، تصارع الاستعمار وتجالده في المعركة الحاسمة، فإذا غلبت على أمرها - لا قدر الله - وخسرت هذه المعركة، فإن الاستعمار يبطش من جديد بمراكش وتونس ولو بعد حين، فما دام هذا السرطان جاثما على الجزائر ينهشها، وهي بمثابة القلب من