إخواني؛ إن لجمعيتكم في الدفاع عن الإسلام والعروبة واللغة العربية، مواقف مشهودة مشهورة، دافعت فيها ضد الاستعمار عن مقدساتها، وذادت فيها عن حياض شرفنا ذيادا يذكر ويسجل. وتباهي به جمعيتنا ساعات ذكر مواقف الشرف. إن تاريخنا حافل بالمواقع الكبيرة في محاربة الاستعمار ومحاولة إبعاده عن مساجدنا وشعائر ديننا، وأوقاف أمتنا وحرية لغتنا، حاربنا ذلك الاستعمار الظالم بكل سلاح نملكه، حاربناه في الجزائر في كل مناسبة، وحاربناه في فرنسا، وحاربناه في الشرق، حاربناه جماعات وأفرادا، حاربناه منفردين وحاربناه متحالفين مع غيرنا، في كل مناسبة وجدناها قضينا في هذه المحاربة، وقبلنا الغرامات المالية، ورضينا بغضب الاستعمار علينا، وبما يسومنا به من ظلمه وعسفه.
إخواني؛ إذا لم تتحرر المساجد، وإذا لم يبعد الاستعمار عن إفساد شعائرنا الدينية، وإذا لم يرد إلينا أوقافنا وأموالنا المحبسة على المعابد والشعائر الدينية، ولم يرفع الظلم والباطل عن مقدساتنا وحقوقنا فإنما ذلك راجع لما عرف به مستعمرنا من صممه سماع صوت المظلوم، ومن محافظته على استعماره، وعلى قوانينه الظالمة، وعلى شدة تمسكه بالاستعمار، وما في الاستعمار من عيوب وتاريخ استعماره عند الناس بهذه الخواص، وبهذه العيوب، وها أنتم ترون أن استعمار غيره أخذ في الزوال وأخذت الشعوب المستعمرة لغيرها تتحرر في آسيا وإفريقيا سواء في ذلك الشعوب البيضاء والسوداء، واعترفت أمم الدنيا كلها، بأن هذا العصر عصر تحرر الأمم، وعصر حكم الشعوب لنفسها بنفسها، وعصر المنظمات، الأممية، وعصر استنكار استعمال القوي لقوته ضد الضعفاء وضد الأقليات وضد الشعوب العزلاء من السلاح، ولا يخفى على أحد ممن تتبع سير جمعيتكم في الست والعشرين سنة، التي قضيتموها مطالبين بإخراج الحكومة الاستعمارية من المساجد ومن محاربيها، ومنابرها ومن تدخل هذا